Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

كيف تتّصل غزّة بالعالم في ظلّ قطع الاتّصالات

تفاجأت الصحفيّة هند الخضري الّتي كانت تتابع مؤتمرًا صحفيًّا في مستشفى الشفاء بغزّة، الجمعة 27 أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري، أنّ هاتفها المحمول غير مزوّد بشبكة الإنترنت.

في البداية، اعتقدت الخضري أنّ الانقطاع له علاقة بمباني المستشفى، خاصّة وأنّ السلطات الإسرائيليّة زعمت قبل ساعات فقط أنّ المجمّع الطبّيّ المترامي الأطراف، والأكبر في غزّة، يستخدم قاعدة من قبل حركة “حماس”.

ومع ذلك، سرعان ما أصبح من الواضح أنّه كان هناك انقطاع كامل للاتّصالات في جميع أنحاء قطاع غزّة، حيث لا هواتف ولا إنترنت، كلّ ذلك بينما كانت القنابل الإسرائيليّة تنهمر في ظلام الليل.

كانت الخضري، مثل ملايين الفلسطينيّين الآخرين في القطاع المحاصر، خائفة وتخشى الأسوأ؛ لأنّهم معزولون تمامًا عن أحبّائهم وعن العالم.

“شعرت بالرعب؛ لأنّني لم أكن أعرف أيّ شيء عن عائلتي”، قالت الخضري، الّتي تعمل مع وكالة الأناضول منذ بدء التصعيد الأخير قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، “لم أتمكّن من سماع سوى انفجارات متواصلة”.

ومع حلول الليل، تردّدت أصداء الانفجارات المتواصلة في غزّة، واستمرّت الومضات الحمراء في اختراق السماء المظلمة، وتحوّلها إلى اللون البرتقاليّ الغريب، وتركت الهواء مليئًا بالدخان.

أدّى انقطاع الاتّصالات إلى عزل أكثر من مليوني شخص، دون أيّ اتّصال مع بعضهم ومع العالم الخارجيّ.

لم يكن لدى الخضري، وهي مستخدمة نشطة لمنصتي X وInstagram ولها آلاف المتابعين، أيّة وسيلة لإخبار العالم بما يمرّ به الملايين من سكّان غزّة، وهو الأمر الّذي كانت تفعله باحترافيّة كلّ يوم.

ومع ذلك، فقد وفّرت التكنولوجيا مخرجًا، حيث تلقّت الخضري بطاقة eSIM (الشريحة الإلكترونيّة) من صديقتها الكاتبة والناشطة المصريّة ميرنا الهلباوي.

تتيح بطاقة eSIM للمستخدمين خيار تنشيط خطّة البيانات الخلويّة لشبكة الهاتف المحمول، دون الحاجة إلى وجود بطاقة SIM فعليّة.

وتمّت استعادة خدمات الإنترنت في غزّة بعد حوالي 48 ساعة، لكنّها ما تزال غير منتظمة وغير موثوقة.

وشريحة “eSIM”، تقدّم نفس مزايا شريحة الاتّصال التقليديّة، وتتبّع شركة اتّصالات من البلد الصادرة عنه، لكنّها شريحة رقميّة، تتألّف من رمز يتمّ إدخاله في إعدادات الهاتف الذكيّ.

وعند استخدام الشريحة الرقميّة في قطاع غزّة، فإنّه يتمّ استخدامها من خلال القيام بتفعيل خدمة التجوال الدوليّ (Roaming)، على أيّ شبكة تظهر على الهاتف المتنقّل، سواء كانت شبكة فلسطينيّة أو إسرائيليّة أو مصريّة.

وقالت الخضري إنّ الاتّصالات تستمرّ في العمل والتوقّف، ولهذا السبب كانت تعتمد على شريحة eSIM الخاصّة بها، “لقد أثبتت شرائح eSIM أهمّيّة كبيرة في ربط الفلسطينيّين بالعالم”.

“من الناس إلى الناس”

محاولة لقط إشارة بعد قطع الاتّصالات (getty)

كانت ميرنا وشقيقتها يارا الهلباوي من بين الناشطين حول العالم، الّذين كانوا يبحثون عن طرق للمساعدة في إعادة الاتّصالات للفلسطينيّين في غزّة.

ومثل كثيرين آخرين، كانتا تضغطان في البداية أيضًا من أجل مطالبة الملياردير إيلون ماسك بتوفير خدمات الإنترنت الخاصّة بشركة ستارلينك في غزّة.

وعندما ذهبت تلك الدعوات أدراج الرياح ومرور الوقت، بدأتا البحث عن خيارات أخرى؛ ثمّ فكّرت الشقيقتان الهلباويّ في خدمات التجوال.

لقد بدأتا ببطاقتي eSIM تمّ شراؤهما من أوروبا، وأرسلوهما إلى شخصين يعرفانهما في غزّة.

وقالت يارا للأناضول في مكالمة فيديو: “بمجرّد أن تأكّدنا من أنّ الأمر يعمل، بدأنا الاتّصال (للتحقّق) ممّا إذا كان المزيد من الأشخاص يرغبون في توصيل الأشخاص عبر شرائح eSIM الإلكترونيّة”.

وفي غضون 24 إلى 48 ساعة فقط، تلقّت الأختان أكثر من 2000 شريحة eSIM كتبرّعات، وتمكّنتا حتّى الآن من توفير أكثر من 1000 شريحة لسكّان غزّة.

كانت الأولويّة للصحفيّين والطاقم الطبّيّ، لكنّهم الآن يوزّعونها على الجميع.

“هذه مبادرة قام بها الناس… لقد انتقلنا من الناس إلى الناس، وأعادوا نوعًا ما إيماننا بالإنسانيّة”، وفّق يارًا.

وقالت يارا إنّه إذا تمّ حرمان غزّة حتّى من أبسط الاحتياجات الإنسانيّة الأساسيّة، فإنّ أقلّ ما يمكن أن يحصل عليه الناس هو وسيلة أو أداة لإخبار العالم بما يحدث لهم.

“بعد ثلاثين عامًا من الآن، سيرغب الناس في معرفة ماذا حدث… هذا جزء من التاريخ الّذي نعيشه الآن، ومن حقّ الجميع توثيق ذلك.. وبدون الاتّصالات لن نتمكّن من القيام بذلك”.

“إيجاد حلول” لسكّان غزّة

آثار الدمار إثر القصف (getty)

بشّار شاهين، وهو أردنيّ يعمل بمسمّى مدير تسويق، ويعيش في العاصمة السعوديّة الرياض، يدير حملة مماثلة لتوفير شرائح eSIM للفلسطينيّين.

“لقد بدأت مع رجل واحد في قطاع غزّة… كنت أرسل له شرائح eSIM وكان يوزّعها على زملائه والصحفيّين”، وقال للأناضول في مقابلة بالفيديو: “الدائرة أصبحت أكبر”.

وأوضح شاهين أنّهم تلقّوا الآلاف من شرائح eSIM كتبرّعات، ويعملون الآن مع أربعة أشخاص للتعامل مع عمليّة التوزيع.

وقال: “المشكلة الرئيسيّة هي أنّ معظم بطاقات eSIM تعمل فقط على الأجهزة المتخصّصة أو الأحدث مثل iPhone X و11 أو هواتف Android الجديدة”.

وأضاف أنّهم كانوا يتلقّون في البداية شرائح eSIM مع “باقات أسبوعيّة”، لكن الآن أصبح الناس يرسلون المزيد مع باقات شهريّة، “حيث يحصل كلّ شخص على 30 جيجابايت صالحة لمدّة شهر واحد”.

ولفت شاهين إلى إنّ الأشخاص الّذين حصلوا على شرائح eSIM الإلكترونيّة، “يعلمون الآن أنّ لديهم خيارًا” حتّى لو تمّ قطع الإنترنت.

“الآن يعلمون (الفلسطينيّون) أنّ لديهم أشخاصًا خارج غزّة سيفعلون أيّ شيء لمساعدتهم… سنقوم بوضع الخيارات أمام أشقّائنا في غزّة.. وسنوفّر لهم الحلول لحلّ هذه المشاكل”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *