نجحت وساطة بيلاروسيا في نزع فتيل أخطر أزمة تواجه حليفتها روسيا، وأعلن يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» وقف تمرده وإعادة قواته إلى قواعدها «لتجنب إراقة الدماء». وذكر مكتب الرئاسة البيلاروسية أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أجرى، بالاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محادثات مع بريغوجين. وأن بريغوجين أبلغه موافقته على «وقف تحركات» مقاتليه في روسيا وتجنب أي تصعيد إضافي للوضع، بعد ان توجهت مجموعة من مقاتليه الى العاصمة الروسية موسكو.
وقالت القناة غير الرسمية للرئاسة البيلاروسيــــة على تلغرام إن «يفغيني بريغوجين وافق على اقتراح رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بوقف تحركات مسلحي مجموعة فاغنر واتخاذ تدابير لتهدئة التوترات».
بدوره، قال بريغوجين في تسجيل صوتي: لتجنب سفك الدماء الروسية قررنا ونحن على بعد 200 كلم من موسكو إعادة المقاتلين إلى معسكراتهم.
وكان بريغوجين قد ذهب إلى أبعد من مجرد اعلان التمرد العسكري، وهاجم حليفه السابق لأول مرة، ووجه قواته الى العاصمة موسكو التي عززت الإجراءات الأمنية فيها وفرض «نظام مكافحة الإرهاب»، بعد ان هدد مؤسس «فاغنر» بالذهاب «حتى النهاية وسندمر كل ما يعترض طريقنا». وأغلقت قوات روسية الطرق المؤدية إلى موسكو من الجنوب بالأتربة والحواجز. ونشرت تعزيزات أمنية مكثفة عند مداخلها وأقيمت نقاط تفتيش بمدرعات وقاذفات قنابل.
وأغلقت الساحة الحمراء الشهيرة، ووصف عمدة موسكو الوضع في المدينة بأنه صعب، وأعلن ان يوم غد الاثنين سيكون يوم عطلة رسمية في العاصمة، وطالب السكان بالامتناع عن التنقل قدر الإمكان، مشيرا الى انه قد يتم حظر حركة المرور في بعض الأماكن. وذكر موقع «ريبار العسكري ان 4 ارتال تابعة لقوات فاغنر توجهت الى موسكو تضم بين 150 و 400 آلية عسكرية.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين وقع قانونا يسمح بالحبس لمدة 30 يوما لمن ينتهك الأحكام العرفية في المناطق التي فرضت بها. وأعلنت وزارة النقل الروسية إلغاء بيع التذاكر للطرق بين الأقاليم حتى إشعار آخر.
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي رفع حد سن الخدمة التعاقدية مع الجيش إلى 70 عاما.
وكان بريغوجين صعد تحديه لبوتين وأعلن أنه ورجاله يرفضون أوامر الرئيس أو جهاز الأمن الاتحادي أو أي شخص آخر. وأضاف «لن يسلم أحد نفسه ويعترف؛ لأننا لا نريد أن تستمر البلاد في العيش لفترة أطول في الفساد والخداع والبيروقراطية».
وقال في رسالة صوتية «بوتين أخطأ بشدة عندما تحدث عن الخيانة. ولاؤنا لوطننا.. قاتلنا ونقاتل من أجله».
وجاء في تصريحات نشرتها قنوات مجموعة فاغنر على تلغرام، أنه قريبا سيكون لروسيا رئيس جديد، متخطيا كل الخطوط الحمراء المرسومة بوضوح في بلد كروسيا. كما وجه انتقادات عنيفة إلى وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، معتبرا أنه حول قواته إلى جهاز علاقات عامة لمصالحه ورغباته.
جاء ذلك، ردا على خطاب بوتين للأمة صباح امس الذي وصف فيه تمرد قوات بريغوجين وسيطرتها على عدد من المواقع العسكرية في الجنوب بأنه «طعنة في الظهر»، محذرا من خطر «حرب أهلية» ومتوعدا برد ساحق. وذلك بعد ان أعلن مؤسس فاغنر أنه دخل المقر العام لقيادة الجيش في مدينة روستوف الروسية، الذي يشكل مركزا أساسيا للهجوم الروسي على أوكرانيا، وسيطر على مواقع عسكرية من ضمنها مطار.
وقالت جماعة من القوميين الروس مؤيدون للحرب في أوكرانيا معروفة باسم «نادي الوطنيين الغاضبين»، والذين يقودهم ضابط سابق في جهاز الأمن الاتحادي الروسي، إنهم سينشرون قريبا خطة عمل للتصدي للتمرد المسلح لمجموعة فاغنر.
واعتبرت في بيان أن اندلاع حرب أهلية سيؤدي إلى إلحاق هزيمة عسكرية مذلة بالجيش الروسي في أوكرانيا، وحذرت من أن روسيا على شفا كارثة.
وفي أول تعليق له على التطورات، قال الرئيس الأوكرانـــي فولوديميــر زيلينسكي إن التمرد المسلح دليل على ضعف روسيا وعدم الاستقرار السياسي فيها.
وقال المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على تويتر «إنها مجرد البداية في روسيا، الانقسام بين النخب واضح جدا، الادعاء بأنه تمت تسوية كل شيء لن ينجح».
واعتبرت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية غانا ماليار أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستفضي إلى دمارها الذاتي، معتبرة أن تمرد مجموعة فاغنر يشكل «فرصة» لبلادها.
وكتبت ماليار عبر تلغرام «يقاتلوننا لكنهم يدمرون أنفسهم، ما معنى ذلك بالنسبة لنا؟ فرصة» مؤكدة أن أوكرانيا تواصل عملها حتى تحقيق «النصر».
