منحة روضة بشارة عطا – الله تختتم فعاليات “أسبوع العودة الثاني”

اختتمت منحة روضة بشارة عطا – الله في جمعيّة الثقافة العربيّة يوم السّبت الماضي، 18/05/2024، أسبوع العودة الثّاني الذي أشرف عليه مُنسّقو المنحة والجمعيّة بدعم من مؤسّسة الجليل – لُندن، حيث انطلق البرنامج يوم الأحد 12/05/2024، تزامنًا مع ذكرى النكبة السّادسة والسبعين.

ونُظّم هذا الأسبوع للعام الثّاني على التوالي شاملًا فعاليّات، نشاطات، حواريّات، وندوات رقميّة ووجاهية على مدار الأسبوع، وذلك بهدف إحياء نكبة الشعب الفلسطينيّ المُستمرة، خصوصًا في ظلّ حرب الإبادة على أبناء شعبنا في قطاع غزّة. ورمت النشاطات جميعها إلى تكثيف وتوجيه محاولات فهم النكبة، جذورها وآثارها لطلبة منحة روضة بشارة عطا – الله، إضافةً إلى طلبة جامعيّين آخرين وجموع الحضور الذي تنوّع على مدار الأسبوع ووصل إلى أكثر من خمسمائة مُشترك ومُشتركة من شتى بقاع الأرض. على ضوء ذلك وضع البرنامج للعام الثّاني على التوالي نُصب أعينه تحويل ذكريات الشعب الفلسطينيّ المنكوبة ومخياله إلى مخيال العائد وتقريب الفكرة إلى وعيّه وحياته اليوميّة.

ووجهت الجمعيّة نشاطاتها انطلاقًا من دوافع الواجب باستعادة وتذكّر انعكاسات النكبة المُستمرّة التي يواجهها أبناء شعبنا في أماكن وجوده كافّة، وخاصّة أهلنا في قطاع غزّة، الّذين يتعرّضون إلى حرب تصفية وإبادة جماعيّة. هذا الواقع الذي يراكم على مشاعر الألم والفقدان التي توارثناها منذ النكبة حتى اليوم ترى المنحة أنّه من الضروري تحويله إلى دعواتٍ للأمل والتحدّي والعمل لمستقبل عادل وكريم للجميع، اندفاعًا إلى التمسك المُطلق بحقّ العودة رمزًا وبوصلة لا تسقط بالتقادم. نتيجةً لذلك، انضم إلى نشاطات الجمعيّة جمهورها، والمئات من الشعب الفلسطينيّ على جانبي الخط الأخضر في مُجمل فعاليّات أسبوع العودة، الذي أكد بالأساس على ضرورة تسليط الضوء على قصص صمود وتحدّي أبناء وبنات شعبنا وطريقه نحو الحرّيّة.

نشاطات وجاهيّة ورقميّة

نظم طلّبة منحة روضة بشارة -عطا الله على مدار الأسبوع عددًا من الحواريات، الندوات، الورشات إضافة إلى فعالية مُخصّصة للأطفال. هذه النشاطات المختلفة أقيمت على مدار الأسبوع عبر تقنيات البث الإلكترونيّة ومنصات التواصل الاجتماعيّ وفي مكاتب جمعيّة الثقافة العربيّة في حيفا، حيث هدف بثّ ورقمنة هذه الفعاليات إلى إتاحة المعرفة وتوسيع رقعة الأثر الذي تتركه هذه النشاطات لأكبر عدد من الجمهور في البلاد، خارجها والمُهجّر منها قسرًا.

لقاء الفلسطينيّين عبر الفضاء الرقميّ

افتتحت فعاليات الأسبوع ندوة إلكترونيّة تحت عنوان “عودة الصوت الفلسطينيّ حول العالم: الحركات الطلّابيّة مقابل السلطة”، بالتعاون بين جمعيّة الثقافة العربيّة ومدى الكرمل-المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، وذلك يوم 12/05/2024. واستضافت الندوة عددًا من طلبة الدراسات العليا الفلسطينيّين الفاعلين في المشهد الاحتجاجيّ الطلّابيّ العالميّ، الّذي يطالب بالوقف الفوريّ للحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة بما تتضمّنه من ممارسات إبادة، وتجويع، وتطهير عرقيّ، وتحقيق الحرّيّة والعدالة للفلسطينيّين.

جاءت الندوة من أجل تقديم شهادات وقراءات حول الحراكات الطلّابيّة وأنشطتها الاحتجاجيّة حول العالم، اجتماعيًّا، وسياسيًّا، وثقافيًّا، والوقوف على سياسات القمع الّتي يتعرّض لها الطلبة في الجامعات داخل فلسطين التاريخيّة وخارجها، لا سيّما في ظلّ تواطؤ معظم الأنظمة الغربيّة مع إسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتّحدة.

في اليوم الثاني استضافت الجمعيّة الباحثة وطالبة الدكتوراه في موضوع علم النفس التحرريّ، أسرار كيّال، والتي قدّمت ورشة تفاعليّة مع طلبة منحة روضة بشارة عطا – الله تحمل عنوان “ما بين ذهنيّة استدخال الهزيمة وذهنيّة الاقتدار والعودة” والتي هدفت إلى تتبع مظاهر الاقتدار المجتمعي داخل فلسطين، وتتبع مظاهر الإحباط ومحاولة التشابك للتخلص منها. وبالتزامن مع الاحتفال بالاستقلال الإسرائيلي تجندت الجمعيّة وطلبة المنحة لتنظيم والمساهمة في إنجاح مسيرة العودة التي أقيمت على أراضي قرية خلة الطيبة بالقرب من مدينة شفاعمرو. كما نشر في المساء ذاته حساب الجمعيّة عبر منصة “إنستغرام” مُسابقة “ماذا تعرف عن فلسطين”، والتي هدفت إلى زيادة المعلومات حول نواحٍ ثقافيّة وسياسيّة واجتماعيّة من تاريخ الشعب الفلسطينيّ، وسيتم إعلان الفائز بالمسابقة خلال الأيام القريبة.

وفي ذكرى النكبة عمل طلبة المنحة على التجنيد والانضمام للفعاليّة الموُحدّة التي نُظمت على أيدي الائتلاف الفلسطينيّ لإحياء ذكرى النكبة السّادسة والسبعين، والذي يضم عشرات الحركات والناشطين من شتى بقاع الأرض في المنفى وداخل أراضي فلسطين التاريخيّة. حيث استضافت الندوة التي حملت عنوان “لا بُد من فلسطين، ولو طال السفر” عرّاب العودة، د. سلمان أبو ستة، الباحث والناشط في قضية العودة الفلسطينيّة. وفي يوم الخميس من الأسبوع ذاته نظمت الجمعيّة حواريّة رقميّة عبر منصة زوم حول “سينما النكبة” حيث حاول المتحدثون والمتحدثات، الباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة، عبد الله البياري، والباحثة في الأرشيف والسينما، رولا شهوان، والمعالجة عن طريق السينما، سماح بصول، تقديم قراءة حول حضور النكبة وتبعاتها من خلال الفيلم الفلسطينيّ قديمًا وفي الوقت الآنيّ.

لقاء الطّلبة والجمهور

نُظمّت خلال الأسبوع أيضًا فعالياتٍ وجاهيّةٍ التقت فيها الجمعيّة مع جمهورها وطلبة منحة روضة بشارة عطا – الله. وقد أُجريت خلال الأسبوع جولةً إضافيّةً من جولات هذه بلادي، التي تُنظمّها الجمعيّة على مدار أكثر من قرنٍ ونصف قرن. وكانت الجولة من تيسير المدير العام للجمعيّة، مصطفى ريناوي، الذي استقبل طلبة المنحة وأصدقاء الجمعيّة في حي وادي الصليب الحيفاويّ للتعرف على المكان، حيثيّات تهجيره وسياسات طمس معالم المكان التي تقوم بها البلدية والمؤسّسات الحكوميّة. وانكشف الجمهور من خلال الشهر وورشة تلتها على ظواهر وبواقي نكبة العمران والمعمار الفلسطينيّ، كشاهدٍ أساسيّ على النكبة المُستمرّة.

علاوةً على ذلك، قدّم الزميل عز عودة، الذي يشغل أيضًا وظيفة مُنسق للمنحة، ورشة حملت عنوان “تصور العودة باستخدام الذكاء الاصطناعيّ”، والتي حاولت أن تقدّم للجمهور الحاضر إلى الورشة طُرق استخدام آليات تكنولوجيّة حديثة لأجل المساهمة في تطوير مخيالنا الفلسطينيّ حول العودة، وأثمرت الورشة عن مُنتجات ثقافيّة لأشكال المكان والحيز الجغرافيّ، الثقافيّ والاجتماعيّ بعد العودة.

ركوب الأطفال لقطار العودة

في اليوم الأخير من النشاطات استضافت جمعيّة الثقافة العربيّة المُمثلة والفنّانة لقاء شرف، والعازف عمر مدّاح، ضمن فعاليات العودة للأطفال، حيث قدّما ورشة “رحلة مُتخيّلة في فلسطين” شملت دراما وموسيقى ضمن فعاليّة قطار العودة التي انتقلت بأطفال لم يتعدوا التسع سنوات إلى جولات في القرى والمدن المُهجّرة. وانضم عشرات الأطفال وأهاليهم إلى النشاط، وعبروا عن حاجتهم إلى خلق المزيد من هذا النوع من الفعاليات من أجل بناء مخيال فلسطينيّ عند الأطفال.