Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

كيف صعد المارد الصينيّ؟

أصدرت الحكومة الصينية في بداية افتتاح مجلس النواب الوطنيّ، اليوم الأحد، تقرير الميزانيّة، والذي جاء فيه بأنّه سيتمّ رفع الميزانيّة العسكريّة السنويّة للبلاد لعام 2023، بنسبة 7.2٪ إلى ما يقرب من 1.55 تريليون يوان (224 مليار دولار أمريكيّ). ووفقًا للإحصاءات الرسميّة، ارتفعت ميزانيّة الدفاع الصينيّة وبلغت 7.1٪ في عام 2022، لتصل إلى 1.45 تريليون يوان (حوالي 210 مليار دولار أمريكيّ).

وتمثّل زيادة الإنفاق العامّ الثاني على التوالي الّذي تجاوز فيه الارتفاع السنويّ للإنفاق العسكريّ 7٪ ويتجاوز نموّ 7.1٪ العام الماضي، وسط تصاعد التوتّرات الجيوسياسيّة وسباق التسلّح الإقليميّ.

وعلى مدى العقود القليلة الماضية، أصبحت الصين لاعبًا مهمًّا في الاقتصاد العالميّ، وشهدت أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في قوّتها العسكريّة،إذ كان الصعود الاقتصاديّ والعسكريّ للصين نتاجًا لعوامل مختلفة، بما في ذلك السياسات الحكوميّة والاستثمارات والتغيّرات الجيوسياسيّة.

نهضة الصين اقتصاديًّا

كان النموّ الاقتصاديّ الصينيّ على مدى العقود القليلة الماضية غير مسبوق، حيث برزت البلاد كواحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، وذلك في تاريخ يمتد إلى أوائل الثمانينيّات، حيث بدأت الصين في إجراء إصلاحات اقتصاديّة تهدف إلى تحديث اقتصاد البلاد وفتحه على بقيّة العالم، وتضمّنت هذه الإصلاحات انفتاح البلاد على الاستثمار الأجنبيّ، وتحرير الأسواق، والحدّ من سيطرة الدولة على الاقتصاد.

وقامت الحكومة الصينيّة أيضًا باستثمارات كبيرة في البنية التحتيّة والتعليم والتقنيّة، إذ طوّرت الدولة شبكة سكك حديديّة عالية السرعة، وأنشأت مطارات حديثة، ووسّعت طرقها وموانئها السريعة، وعلاوة على ذلك، استثمرت الصين بكثافة في نظامها التعليميّ، ممّا أدّى إلى إنتاج مجموعة كبيرة من العمالة الماهرة، كما أصبحت الدولة أيضًا رائدة في التقنيّات الناشئة مثل 5G والذكاء الاصطناعيّ.

وكان النموّ الاقتصاديّ الصينيّ مدفوعًا بالصادرات، حيث أصبحت البلاد أكبر مصدر للسلع في العالم، وأصبحت البلاد أيضًا سوقًا استهلاكيًّا رئيسيًّا، مع ارتفاع الطبقة الوسطى وزيادة مستويات الاستهلاك، وكان الصعود الاقتصاديّ للصين مدفوعًا بالاستثمار الأجنبيّ، حيث أقامت العديد من الشركات متعدّدة الجنسيّات عمليّات في البلاد للاستفادة من سوقها الكبير وتكاليف العمالة المنخفضة.

نهضة الصين عسكريًّا

وإلى جانب صعودها الاقتصاديّ، فقد شهدت الصين أيضًا توسّعًا عسكريًّا كبيرًا؛ ففي السنوات الأخيرة، زادت الصين من إنفاقها الدفاعيّ، وتحديث جيشها، ووسّعت وجودها العسكريّ في بحر الصين الجنوبيّ ومناطق أخرى.

وكان أحد الدوافع الرئيسيّة للتوسّع العسكريّ الصينيّ هو رغبتها في حماية مصالحها في بحر الصين الجنوبيّ، إذ دخلت الصين في نزاعات إقليميّة مع العديد من الدول المجاورة في المنطقة، وقامت ببناء جزر اصطناعيّة، كما أقامت منشآت عسكريّة في المنطقة، في محاولة لتوسيع قدراتها البحريّة، من خلال بناء حاملات طائرات جديدة وسفن بحرّيّة أخرى.

وتستثمر الصين أيضًا بكثافة في التقنيّات العسكريّة الناشئة مثل الصواريخ الفائقة السرعة والذكاء الاصطناعيّ والحرب الإلكترونيّة، حيث تقوم الدولة بتطوير مجموعة من أنظمة الأسلحة المتقدّمة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة الشبح والصواريخ الباليستيّة والمركبات الجوّيّة بدون طيّار. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الصين على زيادة وجودها العسكريّ في أفريقيا ومناطق أخرى، ممّا يوسّع انتشارها العسكريّ العالميّ.

وساهمت عدّة عوامل في الصعود الاقتصاديّ والعسكريّ للصين، وكان أحد العوامل الرئيسيّة هو عدد السكّان الكبير في الصين، والّذي وفّر للبلاد مجموعة كبيرة من العمالة وسوق استهلاكيّ واسع. كما سمح عدد سكّان الصين الكبير للبلاد بالقيام بمشاريع بنّيّة تحتيّة طموحة والاستثمار بكثافة في التعليم والتكنولوجيا. كما لعبت سياسات الحكومة الصينيّة أيضًا دورًا مهمًّا في نهوض البلاد، حيث نفّذت الحكومة الصينيّة سياسات شجّعت النموّ الاقتصاديّ والاستثمار الأجنبيّ مع الاستثمار بشكل كبير في البنية التحتيّة والتعليم. بالإضافة إلى ذلك، اتّبعت الحكومة سياسة تحديث جيشها وتوسيع انتشارها العالميّ.

اقرأ/ي أيضًا | واشنطن وطوكيو ونيودلهي تبدي مخاوف حيال الانتشار العسكريّ في بحر الصين

في حين يتحدّث خبراء حول أنّ الصعود الاقتصاديّ والعسكريّ للصين كان مثيرًا للإعجاب، فإنّ البلاد تواجه العديد من التحدّيات في السنوات المقبلة، ويتمثّل أحد التحدّيات الرئيسيّة في الحفاظ على النموّ الاقتصاديّ مع ارتفاع أعمار السكّان وارتفاع تكاليف العمالة. كما تواجه الصين منافسة متزايدة من اقتصادات ناشئة أخرى مثل الهند وإندونيسيا، ومن التحدّيات الأخرى للصين، إدارة علاقتها مع الولايات المتّحدة، وذلك بعد انخرط البلدان في حرب تجاريّة وتوتّرات للوقوف على قضايا مثل حقوق الإنسان وتايوان وبحر الصين الجنوبيّ.

وتعمل الولايات المتّحدة أيضًا على زيادة وجودها العسكريّ في المنطقة، والّذي تعتبره الصين تهديدًا مباشرًا لمصالحها الأمنيّة. وقد أدّى ذلك إلى تزايد التنافس بين البلدين، حيث حذّر بعض المحلّلين من احتمال اندلاع حرب باردة جديدة.

المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *