Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

الحكومات وآليّات مراقبة المواطنين: مخاوف كبيرة تتعلّق بالخصوصيّة

غالبًا ما تشير الحكومات إلى الأمن القوميّ والسلامة العامّة كأسباب رئيسيّة لتنفيذ برامج مراقبة واسعة النطاق، بادّعاء أنّ المراقبة تساعد على منع الجرائم والتحقيق فيها، ومكافحة الإرهاب، وحماية المواطنين من التهديدات المختلفة

تتمتّع الحكومات في جميع أنحاء العالم بوصول غير مسبوق إلى التكنولوجيا الّتي تسمح لها بمراقبة مواطنيها ومراقبتهم على نطاق واسع، وفي حين أنّ الهدف من المراقبة هذه غالبًا ما يتمّ تأطيره على أنّه تعزيز الأمن القوميّ والسلامة العامّة، إلّا أنّه يثير مخاوف كبيرة بشأن تآكل الخصوصيّة الفرديّة والحرّيّات المدنيّة.

ومن الأمثلة البارزة على ذلك المجموعة الضخمة من البيانات الوصفيّة، والّتي تشمل معلومات حول المكالمات الهاتفيّة للأفراد ورسائل البريد الإلكترونيّ واستخدام الإنترنت، فوفقًا للبحث الّذي أجراه إدوارد سنودن وتمّ توثيقه في صحيفة الغارديان (2013)، شاركت وكالة الأمن القوميّ الأمريكيّة (NSA) في جمع مثل هذه البيانات على نطاق واسع، وهو الكشف الّذي أرسل موجات صادمة في جميع أنحاء العالم، ويسلّط تقرير صادر عن الاتّحاد الأمريكيّ للحرّيّات المدنيّة (ACLU) الضوء على كيفيّة استخدام الوكالات الحكوميّة في الولايات المتّحدة لبرامج التعرّف على الوجه لتحديد الأفراد وتتبّعهم، وكيف أنّ هذه التقنيّات، إلى جانب تقنيّات أخرى مثل التعرّف على لوحة الترخيص ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعيّ، تزوّد الحكومات برؤى غير مسبوقة حول حياة المواطنين.

وغالبًا ما تشير الحكومات إلى الأمن القوميّ والسلامة العامّة كأسباب رئيسيّة لتنفيذ برامج مراقبة واسعة النطاق، بادّعاء أنّ المراقبة تساعد على منع الجرائم والتحقيق فيها، ومكافحة الإرهاب، وحماية المواطنين من التهديدات المختلفة، حيث تؤكّد الحكومات على أنّ المراقبة أداة ضروريّة لمكافحة التهديدات المتطوّرة في العصر الرقميّ.

وعلى الرغم من المبرّرات الكثيرة والمتكرّرة، فإنّ المراقبة التكنولوجيّة الحكوميّة واسعة النطاق تثير مخاوف كبيرة بشأن الخصوصيّة الفرديّة، وأحد الجوانب الأكثر إثارة للقلق هو احتمال إساءة استخدام السلطة، حيث تسلّط دراسة أجرتها مؤسّسة الحدود الإلكترونيّة (EFF) الضوء على حالات استخدام أنظمة المراقبة لاستهداف المنشقّين السياسيّين ومجموعات الأقلّيّات، وسوء الاستخدام هذا يمكن أن يكون له عواقب مدمّرة على الأفراد والمجتمع ككلّ، علاوة على ذلك، فإنّ تآكل الخصوصيّة يمكن أن يكون له تأثير مروّع على حرّيّة التعبير، حيث وجدت الدراسة أنّ الأفراد هم أكثر عرضة للرقابة الذاتيّة على أنشطتهم عبر الإنترنت عندما يعتقدون أنّهم تحت المراقبة. وهذا الخوف من المراقبة يمكن أن يخنق النشاط السياسيّ والإبداع والخطاب المفتوح.

ولتحقيق التوازن بين الأمن والخصوصيّة، أنشأت العديد من البلدان أطرًا قانونيّة وآليّات مراقبة للمراقبة الحكوميّة، فالولايات المتّحدة، على سبيل المثال، لديها قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبيّة (FISA) وقانون باتريوت الأمريكيّ، اللّذين يحكمان أنشطة المراقبة، ومع ذلك، فقد تمّ انتقاد هذه القوانين لافتقارها إلى الشفّافيّة وتمكين جمع البيانات على نطاق واسع، وبالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن فعاليّة آليّات الرقابة، حيث يشير تقرير صادر عن مركز برينان للعدالة إلى أنّ هيئات الرقابة قد تفتقر إلى الموارد والخبرة اللازمة للتدقيق الفعّال في برامج المراقبة، ممّا يؤدّي إلى استمرار الانتهاكات المحتملة دون رادع.

وكشفت اكتشافات إدوارد سنودن في عام 2013 عن مدى جهود وكالة الأمن القوميّ في جمع البيانات على نطاق واسع، حيث كشفت التسريبات، كما ذكرت صحيفة الغارديان، أنّ الوكالة تمكّنت من الوصول إلى كمّيّات هائلة من بيانات الإنترنت، بما في ذلك رسائل البريد الإلكترونيّ وسجّل التصفّح وسجلّات الدردشة، وأثارت الصدمات الناتجة عن هذه الاكتشافات جدلًا عامًّا واسع النطاق حول التوازن بين الأمن والخصوصيّة، وفي حالة تكنولوجيا التعرّف على الوجه، وجدت دراسة أجراها مركز جورج تاون القانونيّ المعنيّ بالخصوصيّة والتكنولوجيا، أنّ وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتّحدة لديها إمكانيّة الوصول إلى قواعد بيانات ملايين الصور، غالبًا دون موافقة الأفراد أو علمهم، وقد تمّ استخدام هذه التكنولوجيا لأغراض تتراوح بين تحديد المشتبه فيهم جنائيًّا ومراقبة الاحتجاجات السلميّة.

ولا تقتصر المراقبة التكنولوجيّة الحكوميّة على دولة واحدة؛ إنّها قضيّة عالميّة، في الصين، على سبيل المثال، نفّذت الحكومة جهاز مراقبة واسع النطاق يتضمّن التعرّف على الوجه، وتسجيل الائتمان الاجتماعيّ، والرقابة على الإنترنت، ويوثّق تقرير لمنظّمة هيومن رايتس ووتش كيفيّة استخدام نظام المراقبة هذا لرصد ومراقبة سلوك المواطنين الصينيّين.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *