Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

إلى أين يتّجه المساعد الافتراضيّ المعزّز بالذكاء الاصطناعيّ؟

حوّلت الشركات اهتمامها الآن نحو استخدام الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ لمساعدتنا بشكل يتجاوز مجرّد البحث في الإنترنت، والّذي ربّما كان هدفهم طوال الوقت على أيّ حال…

وصلتناثلاثة إعلانات إبداعيّة عن الذكاء الاصطناعيّ من ثلاث شركات تكنولوجيّة كبيرة، إذ تقوم غوغل على توسيع نطاق برنامجها للذكاء الاصطناعيّ «بارد» (Bard) ليشمل عددًا من تطبيقاتها، بما في ذلك جي ميل Gmail ومستنداتها Google Docs، وفي اليوم التالي تمامًا، كشفت أمازون أنّها ستسمح للناس بخوض «محادثات شبه بشريّة» مع أليكسا «قريبًا»، وعقدت شركة مايكروسوفت حدثًا يوم الخميس الموافق 21 أيلول/سبتمبر للإعلان عن خططها لتضمين مساعد الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ «كوبايلوت» (Copilot) في العديد من منتجاتها.

تختلف المنتجات والخدمات، لكنّ الفكرة الّتي تبيعها الشركات الّتي تقف وراءها هي نفسها: الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ مذهل وأدوات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّة لدينا مذهلة، لذلك سنضمنها في أكبر عدد ممكن من خدماتنا لجعل حياتك مذهلة. أو كما قالت كوليت ستالباومر، المدير العامّ لمايكروسوفت 365 في حدث الشركة في تصريح لها قبل أشهر: «قريبًا، لن تتمكّن من تخيّل حياتك بدونه».

عليك فقط أن تتخيّل حياتك معها أوّلًا؛ لأنّها لم تصل بعد. وبعد ذلك عليك أن تتساءل عمّا إذا كان الأشخاص سيستخدمون هذه الأدوات حقًّا عند طرحها. ليست هذه هي المرّة الأولى الّتي تتّجه فيها شركات التكنولوجيا بشكل كبير نحو برامج المساعد الذكيّ، في حين أنّ الجمهور إمّا أن يكرههم أو لا يبالي بوجودهم لحدّ كبير. في أواخر التسعينيّات أطلقت مايكروسوفت مساعد أوفيس «كليپي» (Clippy) المكروه للغاية. وشهدنا في الآونة الأخيرة مساعدين أذكياء آخرين، مثل أليكسا وسيري وآپل، ومساعد غوغل وكورتانا، ولم تنجح أيّ منها بالشكل الّذي تخيّله صانعوها، سواء من حيث عدد الأشخاص الّذين يستخدمونها، أو في كيفيّة تطبيقها، وتخلّت مايكروسوفت منذ فترة طويلة عن مكبّرات صوتها الذكيّة الّتي تعمل بنظام كورتانا، وستتوقّف قريبًا عن دعمها لتنتبه لأدواتها للذكاء الاصطناعيّ التوليديّ. وتعلّق أمازون آمالها في الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ على أليكسا.

وليس من صالح هذه الشركات التكنولوجيّة أنّ الجيل الجديد من برامج المساعدة الذكيّة، والّذين من المفترض أن نستخدمهم في كافّة تفاصيل حياتنا، قد تعرّضوا لمشاكل وأخطاء فادحة وبارزة، وهو ما يصعب من ثقتنا بما تخبرنا إيّاه، ويجعلنا نشكّك فيما يدّعيه مطوّروها عنها. لم تكن برامج المساعدة الرقميّة القديمة «مذهلة» إلّا أنّ المخاطر الّتي ارتبطت بها كانت أقلّ بكثير، وما تزال أقلّ بكثير من عواقب أخطاء برامج الدردشة الآليّة. قد تزعجك أليكسًا عندما تشغل لك أغنية «Desperado» عندما طلبت منها تشغيل «Despacito»، ولكين حين يدرج تشات جي پي تي مجموعة من المعلومات الخاطئة، الّتي يصرّ على صحّتها، في مستند عمل، قد يعرّضك (وربّما يعرض أشخاصًا آخرين أيضًا) لكثير من المتاعب.

(Getty)

تواصل مايكروسوفت، خصوصًا، الدفع بقوّة لتحقيق هذه الرؤية المتمثّلة في مساعد شخصيّ إبداعيّ مدعوم بالذكاء الاصطناعيّ يعرفك ويساعدك في حياتك الرقميّة (يبدو أيضًا أنّها قطعت شوطًا طويلًا في تطويره، ناهيك عن الشراكة البالغة 13 مليار دولار مع أوپن إيه آي، أهمّ شركة ذكاء اصطناعيّ توليديّ موجودة الآن). كان إعلان الشركة عن إدراج برنامج الدردشة الآليّة في محرّك بحثها خبرًا كبيرًا، ولعلّه كان ما دفع غوغل لتطرح برنامجها “بارد” بعد وقت قصير فقط. ولولا أنّ مايكروسوفت فعلت ذلك، فلربّما كانت غوغل لتقضي وقتًا أطول في تطوير بارد قبل إطلاقه. وانتقد ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذيّ لشركة مايكروسوفت، شركة غوغل قائلًا: «نسعى جاهدين لبث روح الحياة والابتكار في سوق يهيمن عليه فاعل واحد». ولم يذكر غوغل بالاسم.

ورغم إطلاق مايكروسوفت لمحرّك بحثها المعزّز بالذكاء الاصطناعيّ، فإنّ معظم مستخدمي الإنترنت لا يستخدمونه، ولم يشهد بينغ من وقتها إلّا زيادة طفيفة في الاستخدام. ولا يبدو أنّ بارد قد أثار اهتمامًا كبيرًا أيضًا، مع العلم أنّ غوغل لم تطوّره أو تدخله في تطبيقاتها الأخرى مثل مايكروسوفت. لا تصدر أيّ من الشركتين بيانات كثيرة حول عدد الأشخاص الّذين يستخدمون هذه المنتجات الجديدة، ولكنّ الإحصائيّات المتوفّرة لدينا تشير إلى أنّها ليست رائجة الاستخدام. يبدو أنّ الاهتمام بالذكاء الاصطناعيّ التوليديّ الموجّه للمستهلك قد انخفض بعد موجة الإثارة في أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023 عند إصدارها لأوّل مرّة.

وهو أمر متوقّع. يميل الناس إلى الاهتمام بتلك المواضيع لفترات قصيرة. ولعلّ السبب الآخر هو عدم استخدام الناس لبرامج الدردشة الآليّة المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ في البحث عبر الإنترنت، أو في حياتهم اليوميّة. وتفيد الإحصائيّات بأنّ استخدام تشات جي بي تي قد انخفض في الصيف، وأترفّع مرّة أخرى مع بداية الخريف، وهو ما يؤكّد أنّ كثيرًا من استخدامه يأتي من الطلّاب، الّذين يستخدمونه لأداء واجباتهم المدرسيّة وكتابة المقالات لهم بدلًا من تعلّم المعلومات الّتي تسمح لهم بأداء هذه الفروض المنزليّة وكتابة تلك المقالات بأنفسهم.

(Getty)

لذا حوّلت الشركات اهتمامها الآن نحو استخدام الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ لمساعدتنا بشكل يتجاوز مجرّد البحث في الإنترنت، والّذي ربّما كان هدفهم طوال الوقت على أيّ حال. تقوم شركتا غوغل ومايكروسوفت بعمل جبّار في تعزيز نقاط قوّة منتجاتهما ومدى جودة عمل أدوات الذكاء الاصطناعيّ الخاصّة بهما مع إدماجهما في كلّ تطبيقاتها، بدلًا من عزلهما داخل كلّ تطبيق أو خدمة. من الناحية النظريّة، سيكونون قادرين على الجمع بين مكتباتهم الهائلة من البيانات والمعرفة الموجودة مسبقًا مع البيانات والمعرفة الّتي لديهم حول مستخدميهم، ممّا يمنحنا نحن البشر مساعدًا شخصيًّا وفعّالًا يعمل على تحسين عملنا وحياتنا الشخصيّة بشكل كبير. الاحتمالات لا حصر لها، وكلّ شيء يعمل بسلاسة، وسنكون جميعًا قادرين على تركيز وقتنا وطاقتنا على أشياء أكثر أهمّيّة. هناك سبب وراء قيام مايكروسوفت باستدعاء مساعدها كوپايلوت واستخدام كلمات مثل «رفيق» عند وصف ما سيفعله لنا.

والحقيقة هي أنّنا لم نصل إلى ذلك العصر الموعود بعد. لن تتاح بعض أدوات مايكروسوفت المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ جاهزة قبل العام المقبل، ولا يوجد تاريخ محدّد لتحقيق رؤية الشركة النهائيّة في تطبيق مساعدها الذكيّ الجديد في منتجاتها كافّة. أمّا بالنسبة لما لدينا الآن، فما يزال يتعيّن عليك التحقّق (أو يجب عليك التحقّق دائمًا) من كلّ ما تفعله برامج الدردشة الآليّة بدقّة. ولن يكون لهذه البرامج أيّ أهمّيّة إلّا إذا أدمجت فعلًا في أمور تهمّ الناس، وهو فعلته غوغل مؤخّرًا بدمج بارد في بريدها الإلكترونيّ ومستنداتها. تجدر الإشارة أنّ غوغل ما تزال تصف بارد «بالتجريبيّ»، وهو ما يعني أنّ بإمكانه استخدامه، ولكن دون الاعتماد عليه كلّيًّا.

يمكنك أن ترى الموجة الجديدة من مساعدي الذكاء الاصطناعيّ كمثال على التقدّم، حيث تقوم شركات التكنولوجيا بتصنيع مساعدين رقميّين أفضل من أيّ وقت مضى. ومن المؤكّد أنّهم سينجحون في مرحلة ما. قد ترى أيضًا أنّ شركات التكنولوجيا تحاول فرض شيء ما على أناس لا يريدونه أو يحتاجون إليه في محاولة للاستيلاء على أكبر عدد ممكن من أجزاء حياتهم.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *