Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

تركيا مستعدة للقرن القادم من الجمهورية بقلم

يعتبر يوم 29 أكتوبر من كل عام يوم فرح وفخر للمواطنين الأتراك، حيث نحتفل في تركيا وفي جميع أنحاء العالم بذكرى جمهوريتنا التي أعلنها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923. فمن بين أمور عديدة، يمثل إعلان الجمهورية التركية أساس النصر لدولة قومية جديدة ذات أهداف طموحة.

ولكننا هذا العام أكثر حماسا من أي وقت مضى.

ففي 29 أكتوبر 2023، تدخل تركيا مرحلة تاريخية: الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية. إن هذه الذكرى المئوية هي شهادة على مرونة أمتنا ونموها والالتزام الذي لا يتزعزع من أجل التقدم متطلعين إلى المستقبل.

أود أن أشكر أصدقاءنا في الكويت الذين لم يتركونا وحدنا، بل شاركونا فرحتنا وحماسنا برسائلهم الاحتفالية.

ومع ذلك، فمن المؤسف للغاية أن هذه المناسبة البالغة الأهمية، تزامنت مع مناسبة أليمة ونحن نشهد بألم شديد المعاناة الهائلة التي يعانيها إخواننا وأخواتنا في غزة، حيث تعرضوا للتدمير والاضطهاد بكل أشكاله على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي. أود أن أكرر مرة أخرى دعم تركيا للقضية الفلسطينية، بما في ذلك إنهاء الاحتلال الوحشي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة بالكامل.

رحلة صعبة ولكنها ناجحة

منذ تأسيسها في عام 1923، شهدت تركيا عملية تحول هائلة، بدأت تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس جمهوريتنا. لقد انتقلت تركيا من جمهورية حديثة الولادة إلى دولة ديموقراطية قوية متعددة الأحزاب تتمتع باقتصاد منافس وقوة عسكرية مثيرة للإعجاب وبنية تحتية متطورة.

ومع ذلك، فإن رحلة التقدم التي استغرقت 100 عام في تركيا لم تكن رحلة ذات خط مستقيم، فعلى طول الطريق، كانت هناك تحديات يجب التغلب عليها، وصراعات مررنا بها، ومعارك كان لابد من خوضها.

أولا، وقبل كل شيء، تحارب تركيا عدة جماعات إرهابية، في وقت واحد في بعض الأحيان، لحماية مواطنيها وضمان سلامة أراضيها وديموقراطيتها. لقد حاربنا الإرهابيين بشكل فعال على جميع المشارب، بدءا من منظمة غولن الإرهابية السرية إلى إرهاب حزب العمال الكردستاني الانفصالي، ومن جبهة تحرير الشعب الثوري اليسارية إلى الجماعات الإرهابية ذات الدوافع الدينية مثل تنظيم «القاعدة» و«داعش». ومن خلال هذا الصراع الملحمي، وجهنا ضربة قوية للمنظمات الإرهابية وأفسدنا مخططاتها الشريرة.

وليس هذا فحسب، بل إن جهودنا في مكافحة الإرهاب أثبتت أهميتها الحيوية لأمن واستقرار المنطقة برمتها. مثل أن كانت تركيا في طليعة الجهود الرامية إلى زيادة وعي المجتمع الدولي بالتهديد الذي يشكله الإرهاب.

ثانيا، كانت ديموقراطيتنا الوليدة هدفا للانقلابات العسكرية بشكل دوري تقريبا، حدثت آخر محاولة في ليلة 15 يوليو 2016، عندما حاول فصيل سري داخل الجيش التركي، بأوامر مباشرة من فتح الله غولن (العقل المدبر الإرهابي)، الإطاحة بالحكومة التركية المنتخبة ديموقراطيا. وبفضل القيادة الثابتة لرئيسنا، والتصميم الذي لا يتزعزع لشعبنا، لم يتمكن مدبرو الانقلاب من تحقيق هدفهم.

والحمد لله، لم يتمكن أي من هذه التحديات من أن يمنعنا من مواصلة طريق التنمية، والرفاهية، والديموقراطية والسلام.

ومع ذلك، فإن العقدين الأخيرين من عمر جمهوريتنا شهدا تحولا شاملا وتقدما كبيرا في جميع مجالات الحياة تقريبا.

القفزة الكبرى نحو القرن التركي

على مدى السنوات العشرين الماضية، مرت تركيا بعصر «الثورة الصامتة»، حيث عالجت الإصلاحات الديموقراطية الشاملة مظالم شعبنا التي طال أمدها، مما أدى إلى تغيير المشهد السياسي بشكل كبير إلى الأفضل، وقد تم تقديم خطط وابتكارات طموحة في مجالات مثل التعليم والصحة، والبنية التحتية، وصناعة الدفاع، والاقتصاد.

منذ عام 2002، تضاعف الناتج المحلي الإجمالي التركي ثلاث مرات بمعدل نمو سنوي قدره 5.4%. وقد أدت الاستثمارات العامة الكبرى في البنية التحتية والجسور والموانئ والسكك الحديدية إلى جانب زيادة الطاقة الإنتاجية والقفزة في الصادرات إلى زيادة النمو في تركيا على مدى عقود.

على الرغم من الظروف المالية العالمية القاتمة وحجم التجارة العالمية الذي انخفض بنسبة 1.8% عن العام الماضي، حافظ اقتصادنا على أداء نموه القوي في الربع الثاني من عام 2023، حيث حاولنا التعويض عن الآثار الاقتصادية للزلزال المزدوج القوي الذي ضرب 11 محافظة في جنوب تركيا في 6 فبراير، مما تسبب في أضرار جسيمة ومقتل وإصابة عشرات الآلاف من الأشخاص.

لقد قمنا بتنفيذ برنامج تحويل الرعاية الصحية من خلال سلسلة من الإصلاحات والاستثمارات في البنية التحتية ـ وأبرزها مدن المستشفيات ـ والتي أدت إلى تحسين نظام الرعاية الصحية لدينا بشكل كبير وجودة الرعاية التي يتلقاها شعبنا.

وقد ساهم هذا التحول في انخفاض حاد في معدل وفيات الرضع والأمهات، إلى جانب دعم الجهود الرامية إلى توسيع نطاق الرعاية الثالثية وجهود البحث والتطوير. بالإضافة إلى ذلك، عززت تركيا قدرتها الاستشفائية بشكل كبير، مما يجعلها أفضل من العديد من الاقتصادات المتقدمة كما ظهر خلال جائحة «كوفيد19».

وكان التقدم الذي حققته تركيا في مجال الابتكار التكنولوجي المتقدم جديرا بالملاحظة أيضا. في عام 2022، طرحت تركيا أول سيارة كهربائية منتجة محليا في البلاد، محققة حلما عمره 60 عاما.

بالإضافة إلى ذلك، قامت تركيا ببناء قطاع دفاعي نشط على مدار العشرين عاما الماضية. وفي عام 2022، وصلت صادرات الأسلحة التركية إلى مستوى قياسي بلغ 4.4 مليارات دولار، وهو ما كان يقارب 100 مليون دولار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

لقد مكنت هذه الثورة في الصناعات الدفاعية بلادنا من الانتقال، لكونها ثالث أكبر متلقي للأسلحة في العالم، إلى المرتبة الثانية عشرة بين أكبر مصدري المنتجات الدفاعية.

من المؤكد أن نجم صناعتنا الدفاعية كان المركبات الجوية القتالية من دون طيار (UCAV) أو الطائرات من دون طيار.

لقد قدمنا أول مركبة جوية قتالية بدون طيار تعمل بالطاقة النفاثة Bayraktar Kızılelma، والتي من المقرر أن يبدأ إنتاجها في عام 2024.

لقد أبرمنا هذا العام صفقة تاريخية مع الكويت فيما يتعلق بشراء طائرات من دون طيار تركية من طراز Bayraktar TB2 والتي ستسهم بشكل كبير في القدرات العسكرية للقوات المسلحة الكويتية.

كل هذه التطورات الماضية توفر لنا الإلهام اللازم للنظر بثقة إلى المستقبل وتحقيق المزيد.

وبينما تشرع تركيا في هذه الرحلة الطموحة، فإنها توجه دعوة مفتوحة إلى المجتمع العالمي للتعاون في بناء مستقبل أفضل. إن «قرن تركيا القادم» ليس مجرد رؤية لتركيا، بل هو وعد للإنسانية.. وعد بالتقدم والازدهار والسلام.

في احتفالنا بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، نحتفل بقرن من الانتصارات، ونتطلع بأمل وتصميم إلى المائة عام القادمة: قرن تركيا.

وأغتنم هذه الفرصة لأتمنى دوام الصحة والسعادة والعمر المديد لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، ولشعب وحكومة الكويت الصديقة.

بقلم: طوبى نور سونمز سفيرة الجمهورية التركية لدى الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *