Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

لماذا تنجذب الفتاة للرجل الخطير؟

تبين من معطيات وزارة الرفاه الاجتماعي أن نسبة الفتيات العربيات الضالعات في الملفات الجنائية ارتفعت بين الأعوام 2020 ولغاية 2022، وإن كانت النسبة ليست كبيرة، لكنها تشكل مؤشرا خطيرا.

توضيحية (منصة إكس)

كانت نجوى (اسم مستعار) تنظر غالبية الوقت إلى الأرض، خجولة تجيب عن الأسئلة باقتضاب، على الرغم من أن وراء أجوبتها القصيرة تختبئ قصصا طويلة، “لم أستطع أن أقاوم شخصيته، منذ اللحظة الأولى شعرت أنه الرجل الذي يمكنه أن يكون السند لي في هذه الحياة”، قالت بصوت خافتٍ، ثم قلت لها “لكنه كان شخصا خطيرا” فأجابت “هذا الشخص المناسب”.

قبل ثلاثة أعوام قابلت ثلاث فتيات، في مطلع العشرينيات من أعمارهن، كنّ مقربات من عصابات الإجرام، لتحقيق كنت أعده عن ضلوع النساء والفتيات العربيات في الحوادث الجنائية، ومنها الخطيرة والإجرامية. لكن لكل واحدة منهن كان تكوينا نفسيا مختلفا لوصولها إلى هذا المسار الخطير، دون النظر إلى النتائج والأبعاد.

يستدل من معطيات وزارة الرفاه الاجتماعي أن نسبة الفتيات العربيات الضالعات في الملفات الجنائية ارتفعت بين الأعوام 2020 ولغاية 2022، وإن كانت النسبة ليست كبيرة، لكنها تشكل مؤشرا خطيرا لبداية هذه الظاهرة التي بدأنا نلمسها بين الحين والآخر، من مظاهر عنف تكون فيها الضالعات فتيات.

ومع تطور ظاهرة الجريمة في المجتمع العربي، بفعل إهمال كافة المؤسسات الحكومية، يبقى الطريق مهيئا أمام تلك الفتيات التي بغالبيتها تأتي من الشرائح المستضعفة للانزلاق إلى عالم العنف والجريمة.

يعتقد الشاب الجاني، وخصوصا الذي يتعامل بالإجرام الخطير أو الذي يرأس عصابة أو منظمة إجرامية أن العالم يلفّ من حوله، لذلك، هو يتوقع أن الجميع يجب أن يلبي طلباته وضمنهم المرأة أو الفتاة، يتوقع ألا يرفض له أية طلب، وأنه من غير المعقول أن تهتزّ سلطته وخصوصا من قبل امرأة، وفي هذا الحال، تتحول المرأة التي تكون برفقة هذا الشخص، إلى أداة يستخدمها، وليست إنسانا لديه أحاسيس ومشاعر.

من التي تنجذب للخطيرين؟

فعليا، هناك نمطان رئيسيان لسلوك الفتيات والنساء اللاتي يلجأن إلى تلك المجموعات الخطيرة، أو يقمن علاقة مع الأشخاص الخطيرين.

النمط الأول، وهو أن تلك الفتاة أو المرأة يكون سلوكها وتكوينها النفسي مشابها لهذا الشخص الخطير، إن كان فردا في عصابة أو رئيسها، هي تبحث عن الإثارة والتغيير دائما، وهي صفة تميّز كثيرا المجرمين الخطيرين. ولكن، هذه العلاقات ليست ثابتة، وقابلة للانفجار في كل لحظة، حيث تبدأ مرحلة من الصراع على السلطة في العلاقة بين هذا الشخص الخطير، وبين الفتاة أو المرأة، وهذه العلاقات في الغالب تكون قصيرة جدا. وخلال العلاقة يستغل الطرفان بعضهما البعض، للجنس، والمال، وغيرهما. والعنف يستشري في هذه العلاقات، وفي حال وجود أبناء سيتعرضون للعنف النفسي بسبب هذه العلاقة في أبسط الأحوال.

في هذه الحالات، إذا وقع الطلاق خيارا، يرتفع سقف الخطر على المرأة، وخاصة في حال طلبت حضانة الأولاد لها، لأن الصراع بين الرجل الخطير وبينها لا يكون من أجل مصلحة الأولاد، إنما ضمن صراع القوى بين الطرفين، ومن الممكن أن يستخدم الزوج العنف الخطير الذي قد يصل إلى القتل، لأنها هزّت سلطته، وقللت من قيمته!

أما النمط الثاني، وعلى ما يبدو هو المنتشر أكثر، فهو نابع من الحاجة النفسية للفتاة أو المرأة التي تعاني من ضعف في الشخصية وتعاني فراغا عاطفيا. هذا الصنف من النساء ينجر وراء الرجل الكاريزماتي، الساحر، المثير للاهتمام، الخطير، والذي يرهب الجميع.

كبرت “نجوى” في بيت صغير يسكنه 9 أفراد، لم تكن لها تجارب كبيرة في الحياة، وخاصة في العلاقات الاجتماعية، أحبت شابا من ذات القرية التي تسكنها، بل كانت تعشقه وأسيرة في مواصفاته الشخصية، الاجتماعية والمظهرية. كان يبذر الأموال عليها دون تردد، ملابس جميلة، رحلات، سهرات، وحياة مليئة بالترف، كل ذلك على الرغم من علمها بأنه يتعامل في الأمور الجنائية الخطيرة، لكنها لم تعرف ما هي بالضبط.

ذات يوم، اعتقل صديق نجوى، واكتشفت أنه كان جزءا من عصابة، بل في رأس الهرم للعصابة، على الرغم من ذلك، استمرت نجوى بالتعامل معه كما كان عليه الحال قبل الاعتقال، على العكس، فقد أحبّته أكثر، وعملت ما طلب منها وهو في المعتقل، والذي بدوره استغل ضعفها، وقام بتشغيلها في الأمور الجنائية حتى تم الإمساك بها.

استغلال النساء والفتيات الضعيفات، والذي يطور تبعية نفسية، اقتصادية واجتماعية غير صحية، هي صفة شائعة عند شخص كصديق نجوى، والأهم من ذلك أن لتلك النساء في مرحلة متقدمة من التعلّق لا تستطع الانجذاب لأشخاص بغير مواصفات صديقها الحالي، رجل العصابة.

علاقات مسمومة ومؤذية

سرعان ما تتطور هذه العلاقة، ويمر الوقت، تتحول إلى خطيرة، وفي كثير من الحالات يكون من المستحيل على النساء الخروج منها، لأنها قد تعرضها للخطر، وفي بعض الحالات للقتل. النساء في هذه العلاقات تسجن في علاقة مسمومة ومؤذية، وفي الغالب تطوّر متلازمة دارجة “متلازمة المرأة المسحوقة” تذنّب حالها في كل ما يحصل معها، دون أن تستطيع الإبلاغ عمّا يحصل معها.

وفي هذا السياق، متلازمة Hybristophilia (هيبريسوفيليا) هيام الجناة، تفسّر بالضبط هذه الظاهرة، وما الذي يدفع بالنساء إلى أن يحببن المجرمين والأشخاص الخطيرين. تقول المتلازمة، إن لجوء النساء للأشخاص الخطيرين، يكون بسبب فقدانها للقدوة الذكورية في صغرها، الأب المثالي، الأب الصالح، إما بسبب هجران، أو وفاة، أو طلاق، أو أنها تكون فاقدة للشعور بالأمان. في بعض الحالات، تحاول النساء من هذا الصنف أن تظهر بلباس المتمردة على المجتمع والقيم والمبادئ، كي لا تظهر بأنها ضعيفة، لذلك قد نرى سلوكا مضادا لقيم المجتمع فيها.

تصيب هذه المتلازمة النساء والفتيات من جيل 16 إلى 30 عاما تقريبا، تؤمن من خلال هذه المتلازمة أن التواجد بجانب مصدر الخطر، هو أفضل مكان للحماية من الخطر، وغالبا تلوم والديها وخصوصا الأب على ما هي عليه، وتعيش في حالة إنكار، لكل المصاعب التي تعيشها.

في النهاية، ليست كل النساء تدخل قالب هذ التحليل، ولكن البعض منهن. ولا يجب في جميع الأحيان أن نذنّب النساء اللاتي وصلن إلى هذه المرحلة، إما بقربهن من المجرمين أو بضلوعهن في الحوادث الجنائية، فقد يكون البعض منهن ضحايا صامتات.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *