Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

السيسي يتبنّى سياسة “العسكرة” والإسراف بالاقتراض

على مستوى الاقتصاد، ينتقد الخبراء المشروعات العملاقة التي تبناها السيسي وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي كلّفت 58 مليار دولار تقريبا، فضلا عن القطارات الفائقة السرعة والجسور والطرق التي يعتقدون أن لا عائد لها.

مصريّ بسوق في القاهرة، وفوقه لافتة “المواطن أولا” وصورة للسيسي (Getty Images)

بعد أن منحه المصريون “تفويضا” في العام 2013 للقضاء على “الإرهاب”، تربّع قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي على رأس السلطة، ويسعى اليوم لولاية ثالثة في بلد منهك اقتصاديا.

وقال السيسي البالغ من العمر 68 عاما، أمس الإثنين، أمام حشد من مؤيديه في العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرق القاهرة: “كما لبيت نداء الشعب من قبل، إنني باذن الله ألبّي نداءهم مرة أخرى، وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم بمدة رئاسية جديدة”.

وفي حال فوزه المرجح هذه المرة أيضا، ستمتد ولايته حتى العام 2030.

طفلا في أحد أسواق القاهرة (Getty Images)

وأظهرت مشاهد بثّتها محطات تلفزة موالية للحكومة آلاف الأشخاص يحتفلون بالإعلان على منصات أقيمت مسبقا في مختلف أنحاء البلاد.

وفي غرب القاهرة، قالت المعلمة سحر عبد الخالق التي رافقت حافلة تنقل طلابا إلى تجمع حاشد لدعم ترشّح السيسي، “انهارت البلدان في كل مكان حولنا ولم تتعاف أبدًا… أما نحن فنتقدّم إلى الأمام بسبب رئيسنا وجيشنا”، على حدّ قولها.

السيسي بدأ “يفقد شرعيّته بين مختلف الطبقات”

ويرجّح محللون أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة “طابعا أقرب إلى الاستفتاء”، مثلما حدث في النسختين السابقتين من الانتخابات، وكما كان يحصل خلال عقود حكم الرئيس الراحل حسني مبارك، الذي أسقطته ثورة كانون الثاني/ يناير في 2011.

لكن من الواضح أن القاعدة الشعبية للسيسي لم تعد كما كانت، وكذلك موقعه على الصعيد الدولي، خصوصا مع توجيه اتهامات له بالتنكيل بمعارضين وناشطين في مجال حقوق الإنسان منذ تولّيه الحكم في 2014، بعد إطاحة الجيش بالرئيس الراحل محمد مرسي، وشنّ السلطات حملة قمع واسعة شملت إسلاميين وليبراليين.

بالإضافة إلى ذلك، تشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين، يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر، واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، بعدما سجّل معدل التضخم مستوى قياسيا عند نحو 40 في المئة، مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية، ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

أنصار للسيسي بالتزامن مع إعلان ترشّحه، الإثنين (Getty Images)

وفي سنوات حكمه الأولى، لُقِّب السيسي بالـ”المنقذ” بسبب إطاحته بالإسلاميين الذين أوصلتهم الثورة إلى الحكم، لكنهم خسروا شعبية بسبب تفردهم بالسلطة وفرضهم قوانين متشددة. وفاز في الانتخابات الرئاسية لولايتين بنسبة تخطت 95 في المئة. وألصق بعض المؤيدين صوره على منتجات غذائية ومخبوزات.

كذلك ساهمت حملة “100 مليون صحة” التي أطلقها على مدار الأعوام الماضية في تعزيز شعبيته وسط الطبقات المحدودة الدخل، إذ ساهمت الحملة في علاج ملايين المرضى.

ويرى الناشط المصري البارز في مجال حقوق الإنسان، حسام بهجت، أن السيسي بدأ “يفقد شرعيته بين مختلف الطبقات”، مشيرا إلى أن أنصاره أصيبوا مؤخرا بخيبة أمل على وقع تراجع مدخراتهم في ظل الأزمة الاقتصادية.

“جيل كامل يعتقد أن القاعدة العامة هي الحياة في ظلّ القمع”

ووُلد السيسي في العام 1954 في حي الجمالية بقلب القاهرة الفاطمية، وهو أب لأربعة أبناء، بينهم محمود الذي يشغل منصبا رفيعا بجهاز المخابرات العامة.

ومنذ وصوله إلى السلطة، يصف السيسي الذي تخرّج من الكلية الحربية عام 1977، نفسه بأنه “أب لكل المصريين”، ويقوم بتوجيه النصائح والإرشادات للمصريين في معظم المناسبات والمحافل العامة، ويطالبهم بمزيد من “التضحيات” لتجاوز الأزمة الاقتصادية.

(Getty Images)

ويعتبر السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في العام 2011، مع انطلاق الربيع العربي، وكان عضوا في المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة من مبارك، أن الثورة خطأ وأن الثورات في المنطقة لم يكن مردودها إيجابيا.

وقد قال في مؤتمر عام، السبت، “إذا كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان، إياكم يا مصريين أن تقولوا نأكل أفضل”. وضرب مثلا بدولة لم يسمها – كان واضحا أنها الصين – أصبحت “قوة عظمى”، بعد أن مات “25 مليونا من شعبها جوعا”.

وأثار هذا الكلام انتقادات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي التي عادة ما يستخدمها المصريون بحرص خشية بطش النظام.

ويقول بهجت إن “جيلا كاملا بلغ سن الرشد، وهو يعتقد أن القاعدة العامة هي الحياة في ظل القمع وفي ظل عدم وجود آفاق اقتصادية”.

(Getty Images)

على مستوى الاقتصاد، ينتقد الخبراء المشروعات العملاقة التي تبناها السيسي وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي كلّفت 58 مليار دولار تقريبا، فضلا عن القطارات الفائقة السرعة والجسور والطرق التي يعتقدون أن لا عائد لها، بينما تستنزف موازنة الدولة وتؤدي إلى مضاعفة الديون.

اتّباع “نموذج اقتصاديّ فقدت معظم البلدان في العالم ثقتهم فيه”

وكان لهذه المشاريع صداها على مؤيدي وأنصار السيسي في شتى المجالات، ووضعت معظم القنوات التلفزيونية المصرية شعار “الجمهورية الجديدة” على يسار شاشاتها، احتفالا ودعما لما تشهده البلاد من تغيير وفق رؤية الرئيس.

وكثيرا ما يؤكد السيسي للمصريين مدى خبرته في الحكم على الأشياء، سواء في مجال الاقتصاد أو غيره من المجالات، حتى أنه لا يجد خطأ في أن يعلن أنه المشرف والمراقب على صناديق الثروة السيادية في البلاد، وليس الجهاز المركزي للمحاسبات.

(Getty Images)

واعتمد السيسي لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو عبر ودائع الحلفاء الخليجيين، وهو ما يصفه الباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، روبرت سبرنغبورغ، بأنه نموذج اقتصادي فقدت معظم البلدان في العالم ثقتهم فيه.

ويوضح سبرنغبورغ أن هذا النموذج يتبنى سياسة “العسكرة”، و”الإسراف في الاقتراض من أجل مشاريع مرموقة ذات فوائد اقتصادية محدودة”.

وتوجد مؤشرات كثيرة على أن المستثمرين الخليجيين باتوا يطلبون “عوائد استثماراتهم”، ويرفضون تقديم مساعدات مالية غير مشروطة.

(Getty Images)

وترى المحلّلة المستقلة حفصة حلاوة أن بلدان الخليج “لم تعد تعتقد أن هناك إرادة سياسية داخل هذه القيادة (المصرية) لتغيير أي شيء”، مشيرة إلى أن هذه الدول تعاني “الآن إحباطا حقيقيا، إن لم يكن غضبا”.

ويرى بهجت أن السيسي يحكم “لوحده، ولذلك فهو وحده يُلام” على ما تمر به البلاد من أزمات.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *