Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

كيف بدأ العالم يتحوّل نحو النظام الغذائيّ النباتيّ؟

أصبح التأثير البيئيّ للزراعة الحيوانيّة حافزًا كبيرًا للاتّجاه نحو النظام النباتيّ، حيث إنّ إنتاج الثروة الحيوانيّة هو عمليّة كثيفة الاستخدام للموارد تساهم في إزالة الغابات، وانبعاثات الغازات الدفيئة، وتلوّث المياه، وفقدان التنوّع البيولوجيّ

شهد العالم في السنوات الأخيرة تحوّلًا ملحوظًا نحو النظام الغذائيّ النباتيّ، ويعود هذا الاتّجاه إلى مجموعة من العوامل بما في ذلك المخاوف الصحّيّة والوعي البيئيّ والاعتبارات الأخلاقيّة.

والاتّجاه العالميّ نحو النظام النباتيّ هو ظاهرة متعدّدة الأوجه تحرّكها اعتبارات صحّيّة، ومخاوف بيئيّة، واعتبارات أخلاقيّة، وقد سلّطت الدراسات والأبحاث الرئيسيّة الضوء على الأبعاد المختلفة لهذا الاتّجاه، مؤكّدة على قدرة هذا النظام على التأثير بشكل إيجابيّ على صحّة الإنسان، وتخفيف الأضرار البيئيّة، وتعزيز أنماط الاستهلاك الأخلاقيّة.

وأحد الدوافع الأساسيّة وراء تزايد شعبيّة النظام الغذائيّ النباتيّ هو الوعي المتزايد بالفوائد الصحّيّة المرتبطة بالأنظمة الغذائيّة النباتيّة، فقد بحثت عدد من الدراسات خلال السنوات الأخيرة، في النتائج الصحّيّة للأنظمة الغذائيّة النباتيّة، ووجدت أنّ الأنظمة الغذائيّة النباتيّة المخطّطة جيّدًا يمكن أن توفّر التغذية الكافية وتمنح العديد من المزايا الصحّيّة، كما سلّطت الدراسات الضوء على انخفاض عوامل الخطر للأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكّريّ وارتفاع ضغط الدم وأنواع معيّنة من السرطان.

وعلاوة على ذلك، قارنت دارسة شهيرة جاءت بعنوان “إيبك أوكسفورد” بين الآثار الصحّيّة للأنظمة الغذائيّة المختلفة، بما في ذلك الأنظمة الغذائيّة النباتيّة واللحوم، وأظهرت النتائج أنّ النباتيّين لديهم خطر أقلّ للإصابة بأمراض القلب ومعدّل وفيات أقلّ من غير النباتيّين، كما أكّدت هذه الدراسة على إمكانات الأنظمة الغذائيّة النباتيّة في تعزيز الصحّة وطول العمر على المدى الطويل.

وتؤكّد هذه النتائج على فكرة أنّ النظام الغذائيّ النباتيّ يمكن أن يكون خيارًا غذائيًّا قابلًا للتطبيق ويقدّم فوائد صحّيّة متنوّعة، خاصّة عندما يكون النظام الغذائيّ متوازنًا ومناسبًا من الناحية التغذويّة، ويعكس التحوّل نحو النظام النباتيّ رغبة متزايدة بين الأفراد في السيطرة على صحّتهم واتّخاذ الخيارات الغذائيّة الّتي تتماشى مع رفاهيتهم.

وأصبح التأثير البيئيّ للزراعة الحيوانيّة حافزًا كبيرًا للاتّجاه نحو النظام النباتيّ، حيث إنّ إنتاج الثروة الحيوانيّة هو عمليّة كثيفة الاستخدام للموارد تساهم في إزالة الغابات، وانبعاثات الغازات الدفيئة، وتلوّث المياه، وفقدان التنوّع البيولوجيّ. كما وجدت الدراسة أنّ إنتاج اللحوم والألبان يمثّل نسبة عالية بشكل غير متناسب من الأضرار البيئيّة العالميّة، وسلّطت الضوء على إمكانيّة تقليل استهلاك اللحوم كوسيلة للتخفيف من الآثار السلبيّة لإنتاج الغذاء على الكوكب.

وبحثت الدراسة في الفوائد المحتملة للتحوّل نحو الأنظمة الغذائيّة النباتيّة من حيث استخدام الأراضي، وانبعاثات الغازات الدفيئة، واستخدام المياه، وأظهرت أنّ اعتماد الأنظمة الغذائيّة النباتيّة يمكن أن يقلّل بشكل كبير من البصمة البيئيّة المرتبطة بإنتاج الغذاء، وأكّد هذا البحث على دور الخيارات الغذائيّة الفرديّة في تعزيز الممارسات المستدامة ومواجهة التحدّيات البيئيّة الملحّة.

وقد دفعت العلاقة بين الخيارات الغذائيّة والأثر البيئيّ الأفراد وصنّاع السياسات على حدّ سواء إلى إعادة النظر في دور المنتجات الحيوانيّة في وجباتهم الغذائيّة، ونتيجة لذلك، فإنّ الاتّجاه العالميّ نحو النظام النباتيّ يعكس حركة أوسع نحو الاستدامة والاعتراف بالترابط بين سلوك الإنسان ورفاهية البيئة.

ولعبت المخاوف الأخلاقيّة بشأن معاملة الحيوانات في النظام الغذائيّ الصناعيّ أيضًا دورًا محوريًّا في زيادة الاهتمام بالنباتيّة، وفي بحث كتاب جاء بعنوان “لماذا نحبّ الكلاب ونأكل الخنازير ونلبس الأبقار” يتعمّق في العوامل النفسيّة والمجتمعيّة الّتي تؤثّر على علاقتنا بالحيوانات واختياراتنا الغذائيّة، وتقدّم جوّيّ مفهوم “الكارنيّة”، وهو نظام اعتقاديّ يعمل على تطبيع استهلاك بعض الحيوانات مع تصنيف الآخرين على أنّهم حيوانات أليفة أو رفاق، وسلّط هذا الكتاب الضوء على التنافر المعرفيّ الّذي غالبًا ما يكمن وراء الاختيارات الغذائيّة ويسلّط الضوء على الحاجة إلى تحوّل نموذجيّ نحو أنماط استهلاك أكثر أخلاقيّة ورحيمة.

واستكشف الكتّاب الآليّات النفسيّة الّتي تؤدّي إلى الانفصال بين الحيوانات واللحوم الموجودة في الأطباق، وسلّط الضوء على عمليّات فكّ الارتباط الأخلاقيّ الّتي تسمح للأفراد بتبرير استهلاكهم للمنتجات الحيوانيّة مع تجنّب الشعور بالذنب أو التعاطف، وقدّم نظرة ثاقبة للبنيات المجتمعيّة الّتي تديم استهلاك المنتجات الحيوانيّة وإمكانيّة التغيير من خلال زيادة الوعي والتعليم.

ويعكس الاتّجاه العالميّ نحو النظام الغذائيّ النباتيّ وعيًا متزايدًا بالآثار الأخلاقيّة للاختيارات الغذائيّة والرغبة في مواءمة تصرّفات الفرد مع قيم الرحمة والتعاطف تجاه جميع الكائنات الحيّة.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *