Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

عادل خميس لـ«»: الغذامي ضيّق «النقد الثقافي»

يرى أستاذ النقد والنظرية بجامعة الملك عبدالعزيز عادل خميس أن النقد حتمية تاريخية، بوصفه محفزاً ومحركاً للسؤال خلف البقاء، وخلف العمل، وخلف التغيير، مشيراً إلى العلاقة التاريخية والعضوية بين الفلسفة والنقد، إذ تقوم الفلسفة على السؤال، والنقد أداتها في ذلك، ومعتبراً في الوقت ذاته أن فلسفة ما بعد الإنسان تراجع نقدياً مفهوم الإنسان بكل أبعاده، تقوّض سلطته، وتعيد مفهوم الإنسان ليحتوي البشر بكافة ألوانهم ومرجعياتهم، وفقاً لشروط أكثر حيادية وعدالة.

ويعتبر البروفيسور عادل خميس النقد مظلة كبيرة تضم تحتها عدداً من المجالات، كما في النقد الثقافي الذي فتح الباب أمام مجالات وحقول أكبر وأكثر تنوعاً، مشيداً بالناقد الدكتور عبدالله الغذامي الذي كان أول من ألمح لهذا الأمر، لكنه عاد واستدرك عليه بأنه ضيّق النقد الثقافي بشكل لم يعد يتسع سوى للغذامي وحده.

عادل خميس يكتب في النقد والفلسفة وهاوٍ للسينما وإنتاجاتها المحلية والعربية، ويقرض الشعر.. فكان هذا الحوار:

• حالة نقدية فريدة نراها تتجلى في إصداراتك النقدية المتعددة والمتنوعة.. هل نعتبر ذلك رد اعتبار للنقد المجني عليه؟

•• لست أدري. أشعر أني في حالة سيولة نقدية. أشعر أن النقد يتحدث للعالم من خلالي. أشعر أن لدى النقد الكثير مما يمكن أن يقال، وأكثر مما لا يمكن أن يقال.

• ما أهمية النقد في اللحظة الثقافية الراهنة؟ وكيف يمكن أن يخدمها؟

•• النقد حتمية تاريخية. النقد رفيق الإنسان في مسيرته. كان وما زال ويظل محرك السؤال خلف البقاء، وخلف العمل، وخلف التغيير. يضعنا النقد في حالة مساءلة مستمرة لكل ما نعايش، وكل ما ننتج، وكل ما نفكر أنه صحيح. هذا الصحيح، أو ما نعدّه كذلك، لا يبقى هكذا دوماً. النقد يساعدنا على فهم هذه الحقيقة. أعني حقيقة التغيير الوحيدة في هذا الوجود.

• كتبت في النقد والفلسفة.. وكتبت في النقد السينمائي.. هل هناك ما يجمع بين هذه الفنون؟ وكيف ذلك؟

•• لا أرى نشازاً بينها. العلاقة بين الفلسفة والنقد علاقة تاريخية وعضوية. تقوم الفلسفة على السؤال، والنقد أداتها في ذلك. لا نستغرب إذن أن يكون أوائل النقاد هم أوائل الفلاسفة. كان الأدب أداة مهمة لدى الفلاسفة لفهم الوجود، وسبر أغوار الإنسان. يقول الأدب ما نريد أن نقول، بطريقة أجمل وأعمق مما نقول. لذلك يهتم به الفلاسفة، وتتطور نظريات النقد عبر العصور. والسينما.. آه من السينما، لقد كانت منذ أوجدها الإنسان أداة تنوير ومساءلة مهمة. وهي جزء من الأدب كما تعلم. السيناريو (أو الاسكربت) نص أدبي، وهذا مثبت في المعاجم الأدبية الشهيرة، أعني المعاجم الإنجليزية. لا أعلم عن العربية. لعلها.

• أليس في الأمر تشتيت وبعثرة لجهودك البحثية؟

•• لا أعتقد. المعرفة مترابطة. والنقد مظلة كبيرة تضم تحتها عدداً من المجالات. وجاء النقد الثقافي ليفتح الباب أمام مجالات وحقول أكبر وأكثر تنوعاً. هذا ما ألمح إليه الغذامي بالمناسبة. لكنه ضيّق الأمر حين حاول أن يجعل النقد الثقافي ضيقاً.. ضيقاً لا يسع أحداً غيره. المهم أن النقد الثقافي أضاف شرعية أكاديمية ومعرفية للاستفادة من أدواته المتطورة في تحليل خطابات غير أدبية مثل السينما وتاريخ الأفكار والمنتجات الشعبية المختلفة. أما الفلسفة فهي من وجوه النقد، لا أراها غير ذلك.

• وأين الشعر من كل ذلك؟

•• في قلب كل هذا. الشعر بساطُنا السحري الذي يحملنا دوماً دون أن نشعر. الشعر خبزنا اليومي، وزيت الزيتون الذي يتسلل لأرواحنا، ويشعرنا أن الوجود يستحق.. وأن هناك جوهراً نعيش من أجله. شخصياً، يظل الشعر رفيق العمر الأجمل، أقرأه، وأحلله، وأشارك في فعالياته بحماس وتعصّب. ديواني الثالث جاهز للنشر، ينقصه العنوان. أفكر أن أطلق عليه (الطيبون.. كأنهم ما كانوا)، ولست أعلم إن كنت سأفعل.

• كثرت المسابقات والأمسيات، وتكاثر الشعراء وقل الشعر.. أم أنه استنتاج تشاؤمي ومدّعٍ؟

•• تشاؤمي. هناك غثاء كثير، أتفق. لكنّ شعراً كثيراً.. كثيراً جداً لا يزال يظهر من كل مكان. نحتاج فقط أن نتسامح. أن نضع أسلحتنا، ونحن ندلف لساحة الشعر. وسنجد ما يكفينا وأكثر.. ما يملأ قلوبنا العطشى، وعيوننا الفارغة، تلك التي لا يملأها إلا… إلا الشعر!

• صخب المسابقات ولذة الجوائز أعادا القصيدة العمودية للواجهة وبقوة.. هل يشكل الأمر مشكلة؟

•• لا.. الأنواع الأخرى موجودة وتنافس في حضورها بقوة. الشعر الحر، وقصيدة النثر، والقصيدة/‏القصة، والومضة الشعرية، والقصيدة الرقمية… وغيرها. كل هذه الأنواع موجودة. الشعر ليس ابن المسابقات والجوائز، من أوهم الناس بذلك؟ في مهرجان فرسان. حدث موقف جميل. لأول مرة في حياتي وقد حضرت كثيراً يطلب الجمهور من الشاعر أن يعود للمنصة بعد أن يكمل فقرته الشعرية. حدث هذا مع إبراهيم مبارك. أنهى قراءة نصوصه، ثم استأذن، فصرخ الجمهور عليه بأن يعود، ففعل بتواضع. إبراهيم يكتب قصيدة النثر بالمناسبة. وهو شاعر مدهش.

• في فلسفة ما بعد الإنسانوية التي تروّج لها في كتابك «متاهة الأزلي».. بداية كيف تعرف وتلخص هذه الفلسفة الجديدة والوافدة إلينا؟

•• ليست وافدة.. هي نافذة بالأصح. (بطاقة دعوة لحفلة لم نكن نُدعى إليها من قبل) هكذا عبرت في الكتاب. ما بعد الإنسانوية في رأيي فلسفة المستقبل، التي يجب أن نهتبلها، لنضع بصمتنا في تاريخ الفكر العالمي من جديد. الإنسان، بمفهومه الحديث، صنعةُ الإنسان الأبيض. الرجل الأبيض كي أكون دقيقاً. هل تشعر بظلال جاك دريدا هنا؟ لا بد أن تفعل. دريدا سبقنا للمستقبل، نظر، وجاء إلينا بقبس، دعاه التفكيك.

فلسفة ما بعد الإنسان تراجع نقدياً مفهوم الإنسان بكل أبعاده، تقوّض سلطته، وتعيد مفهوم الإنسان ليحتوي البشر بكافة ألوانهم ومرجعياتهم، وفقاً لشروط أكثر حيادية وعدالة. يبدو الأمر حالماً، أتفق معك. لكن العالم يحلم ويحقق من حولنا، فلنحاول أن نلحق بهم، ولو لمرة على الأقل. الفعل (تروّج) في سؤالك يقلقني. لكنْ لا بأس. أعتقد أن كتابي أول كتاب عربي (غير مترجم) حول فلسفة ما بعد الإنسانوية، لست متأكداً تماماً، وأتمنى أن تطّرد الأعمال، وأن يستمر النقاش المهم الذي حاولت التورط فيه بنشري للكتاب.

• وهل ترى في واقعنا العربي جاهزية لهكذا أطروحات؟

•• لسنا جاهزين.. لم نكن جاهزين. وسنموت غير جاهزين. من اخترع هذه الأكذوبة. متى يكون الناس جاهزين للتفكير؟

• ما الذي دفعك للكتابة في النقد السينمائي؟

•• حب الأفلام أولاً.. والشعور أني أستطيع قول شيء ثانياً. السرد عنصر عضوي في السينما، وهذه نقطة دخولي الشرعية للمجال. أقترح في الكتاب منهجية لنقد الفيلم السينمائي وتحليله (لغير المتخصصين). لكني أقول أكثر من ذلك. في المقدمة تحدثت عن شغفي بالنقد، لكني تحدثت أيضاً عن بعض الخيبات. علاقتي بالأفلام قديمة ومستمرة. والخطاب السينمائي يحمل الكثير والكثير مما يمكن تحليله. تحليل الخطاب واحد من أدوات النقد كما تعلم.

• حاولت في كتابك «في نقد السينما» إبراز التقاطعات بين السينما والأدب والسرد والفلسفة.. لماذا؟

•• لأني أراها أدوات تنوير متقاطعة. هذه الفنون والمجالات تسعى لرفع وعي الإنسان ليواجه تحديات السيطرة والهيمنة والإقصاء والتغييب والتقييد و…و… أليس هذا كافياً؟

• هل تعوّل على «التنوير السينمائي» أم أن «السينما التجارية» و«الجمهور عاوز كده» «أكلوا الجو»؟

••أعوّل على السينما، لأنها فن، والفنون تجمعنا على المشترك البشري، وتحتفي باختلافنا. لاحظ: تجمعنا، وتحتفي باختلافنا. الفنون أداة من أهم أدوات الإنسان لاكتشاف جوهره الجميل، وجرس إنذار بنغمة لطيفة لتذكيره بجوهره الإنساني متى ابتعد عنه.

• كيف يمكن التوفيق بين صخب الأفلام ورصانة النقد ليحصل نوع من التفاعل البناء؟

•• كيف يمكن التوفيق بين صخب الحياة وهدوء الروح؟ يبدو لي أن سؤالك عن إيقاع الحياة لا عن السينما والأفلام. اعتاد الإنسان أن يستخلص المعنى من الفوضى وهي الفوضى. يدرس الإنسان الحروب ويستخلص منها العبر والفوائد، فكيف لا يفعل مع الفنون. الأفلام مادة ثرية جداً للتفكير، والتأثير، والتنوير، والنقد.. يعمل على استخلاص الكيفية التي تصنع بها الأفلام ذلك. ندعوها في النقد آلية صناعة المعنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *