Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

ضغوط أميركية على الرئيس الفلسطيني لـ”إعادة هيكلة” السلطة

شهدت الأسابيع الأخيرة توالي زيارات كبار المسؤولين الأميركيين إلى الضفة الغربية المحتلة، للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في مساع لدفعه إلى إجراء تعديلات على السلطة الفلسطينية، وذلك في ظل الرؤية الأميركية بأن تتولى السلطة الفلسطينية المسؤولية في غزة بعد إعادة هيكلتها، وتوحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية “في اليوم التالي” للحرب الإسرائيلية على القطاع.

تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في تلغرام

كان عباس أحد مهندسي اتفاقية أوسلو للسلام مع إسرائيل في 1993 التي أنعشت الآمال في إقامة دولة فلسطينية، لكن بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة التي تخضع لإدارة سلطته تنال من شرعيته شيئا فشيئا. وصار كثير من الفلسطينيين ينظرون إلى إدارته على أنها فاسدة وغير ديمقراطية ومغيبة.

وفي أعقاب هجمات كتائب القسام على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، بوضوح إنه يريد أن يرى السلطة الفلسطينية تتولى المسؤولية في غزة بعد إعادة هيكلتها، وتوحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية، الأمر الذي يعارضه الجانب الإسرائيلي.

والتقى مستشار بايدن للأمن القومي، جيك سوليفان، بعباس أمس الجمعة، ليصبح أحدث مسؤول أميركي رفيع يحثه على “تبني تغيير سريع”. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بعد لقائه بالرئيس الفلسطيني في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إنهما ناقشا الحاجة إلى إصلاحات لمكافحة الفساد وتمكين المجتمع المدني ودعم الصحافة الحرة.

تقليص صلاحيات عباس وتعيين نائب للرئيس وضخ قيادات جديدة

ونقلت “رويترز” عن ثلاثة مصادر فلسطينية ومسؤول كبير من المنطقة على دراية بالمحادثات، أن مقترحات واشنطن على المسؤولين الفلسطينيين في الغرف المغلقة، تشمل أيضا تنازل الرئيس الفلسطيني عن بعض سيطرته على السلطة.

وقالت المصادر الفلسطينية والإقليمية إنه بموجب المقترحات المطروحة، يمكن لعباس أن يعين نائبا له ويسلم المزيد من الصلاحيات التنفيذية لرئيس الوزراء، ويدخل شخصيات جديدة في القيادة.

ولم يقدم البيت الأبيض إجابات على تساؤلات من “رويترز” بهذا الشأن، فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن خيارات القيادة مسألة تخص الشعب الفلسطيني ولم تعط توضيحا للخطوات التي تعتبرها واشنطن “لازمة” لإعادة هيكلة السلطة.

القيادة الفلسطينية تطالب بضمانات أميركية

وفي مقابلة مع “رويترز” في مكتبه برام الله، قال الرئيس الفلسطيني إنه مستعد لإدخال تعديلات على السلطة الفلسطينية بقيادات جديدة وإجراء الانتخابات التي تم تعليقها منذ فوز حماس في آخر انتخابات عام 2006، على أن يكون هناك اتفاق دولي ملزم من شأنه أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.

وقال عباس في المقابلة مع “رويترز”، عندما سئل عن المقترحات الأميركية، إن المشكلة ليست في تغيير السياسيين الفلسطينيين وتشكيل حكومة جديدة، وإنما المشكلة هي سياسات الحكومة الإسرائيلية التي ترفض أي عملية سياسية مع الجانب الفلسطيني قد تفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة.

وفي الوقت الذي قد يقر فيه عباس بأن حكمه الطويل يقترب من نهايته، يقول هو وزعماء فلسطينيون آخرون إنه يتعين على الولايات المتحدة، الحليف الإستراتيجي الأول لإسرائيل، أن تضغط على حكومة نتنياهو للقبول بإقامة دولة فلسطينية تشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.


وأفاد مصدر مطلع في واشنطن بأن عباس أبدى “سرا” انفتاحه على بعض المقترحات الأميركية لإصلاح السلطة الفلسطينية، بما في ذلك ضخ “دماء جديدة” بمهارات تكنوقراطية ومنح مكتب رئيس الوزراء المزيد من الصلاحيات التنفيذية.

وبينما يؤكد مسؤولون أميركيون على أنهم لم يقترحوا أي أسماء على عباس، تقول مصادر إقليمية ودبلوماسيون إن البعض في واشنطن وإسرائيل يفضلون أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، نائبا محتملا وخليفة في المستقبل.

اتصالات مع دول عربية

وقالت أربعة مصادر أميركية، من بينها مسؤولان في إدارة بايدن، إن واشنطن تحث الأردن ومصر ودول الخليج، وهي دول لها بعض النفوذ لدى السلطة الفلسطينية، على إقناع عباس بالمضي قدما في إصلاحات مؤسسية بشكل عاجل للإعداد “لليوم التالي”. ولم يرد مسؤولون في الأردن ومصر وقطر والإمارات بعد على طلبات للتعليق.

وقالت المصادر الأميركية إن “عباس تعهد عدة مرات بإدخال تعديلات على إدارته في السنوات القليلة الماضية وليس لديه الكثير من النتائج ليقدمها، لذا سيواصل كبار المسؤولين الأميركيين الضغط بينما ينتظرون لمعرفة ما إذا كان سيفعل ذلك هذه المرة”.

ومع ذلك، يرى مسؤولون أميركيون أن عباس لا يزال الشخصية القيادية الفلسطينية الواقعية الوحيدة في الوقت الحالي بالرغم من عدم شعبيته بين الفلسطينيين وعدم الثقة فيه من جانب إسرائيل التي تندد بعدم إدانته لهجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وأفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة السرية للمحادثات، بأن مساعدين لبايدن يحثون قيادات إسرائيل بهدوء على التخلي عن معارضتهم للسلطة الفلسطينية بعد إعادة هيكلتها واضطلاعها بدور قيادي في غزة بعد الحرب.

وقال مسؤول أميركي آخر: “لا شيء آخر مطروح” في إشارة إلى بدائل محتملة للسلطة. ويقول مسؤولون أميركيون إن إسرائيل ستحتاج على المدى القصير إلى فك الحظر عن المزيد من التحويلات الضريبية إلى السلطة الفلسطينية، والتي جمدتها في أعقاب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كي يتسنى لها دفع الرواتب.

تعنت إسرائيلي

في المقابل، قالت مصادر دبلوماسية فلسطينية وأميركية إن المحادثات حول ما سيحدث بمجرد انتهاء الحرب تزايدت في الأسابيع القليلة الماضية، إلا أنه لم تُقدم خطط لعباس، لكن يصر نتنياهو على أن الحرب ستستمر حتى القضاء على حماس وإعادة الرهائن وتأمين إسرائيل من الهجمات المستقبلية.

وفي المحادثات مع نتنياهو، بحث سوليفان يوم الخميس الماضي، خطوات لتحول الهجمات الإسرائيلية على غزة إلى عمليات أقل شدة تركز على أهداف عالية القيمة.

وشدد أحد المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى الذين تحدثوا لوكالة “رويترز”، على ن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأن القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، “لا بد أن تكون حاضرة في غزة بعد الحرب مثلما هي حاضرة الآن في أجزاء من الضفة الغربية”.

ويعتقد مسؤولون في البيت الأبيض أنه “من الممكن أن يستعيد عباس بعض الثقة بين الفلسطينيين إذا تمكن من إظهار استئصاله للفساد ورعايته لجيل جديد من القادة وحشده المساعدات الأجنبية لإعادة إعمار غزة بعد الحرب، ونيل مزيد من الدعم من الخارج لإقامة دولة فلسطينية”.

مؤتمر دولي

ودعا عباس الولايات المتحدة خلال مقابلته مع “رويترز”، إلى رعاية مؤتمر دولي للسلام للاتفاق على الخطوات النهائية لإقامة دولة فلسطينية. وربما تجري إقامة هذا التجمع على غرار مؤتمر مدريد 1991 الذي عقده الرئيس الأميركي، جورج بوش الأب، عقب اندلاع حرب الخليج بين عامي 1990 و1991.

وقال مسؤول أميركي رفيع إنه تم بحث فكرة المؤتمر مع شركاء، لكن المقترح لا يزال في مرحلة أولية. ويعتقد عباس وزعماء فلسطينيون آخرون أن الولايات المتحدة لا بد أن تضغط بشكل أكبر على إسرائيل للسماح بإقامة دولة فلسطينية تتألف من غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة.

وقال عباس لـ”رويترز” إن الولايات المتحدة “هي القوة الوحيدة القادرة على أن تأمر إسرائيل بوقف هذه الحرب” والوفاء بالتزاماتها، ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، واشنطن، إلى ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل عبر تدابير مثل التصويت في مجلس الأمن الدولي، ووقف إرسال شحنات الأسلحة وفرض عقوبات على التوسع في المستوطنات.

وأعلن بلينكن هذا الشهر توقيع عقوبات على مستوطنين إسرائيليين مسؤولين عن الهجمات على فلسطينيين، لكن الحكومة الأميركية تظل وفية في دفاعها عن إسرائيل في الأمم المتحدة، إذ ترفض الدعوات إلى وقف إطلاق النار، ووافق بايدن أيضا على تقديم مساعدات عسكرية خلال الأسابيع الماضية.

“سلطة بلا سلطة”

وتحاول إدارى بايدن الاستقرار على كيفية توفير “أفق سياسي” للفلسطينيين في ظل عدم استعداد الإسرائيليين لـ”تقديم تنازلات”. وحتى في الضفة الغربية، فقدت السلطة الفلسطينية شعبيتها لأنها تعد ذراعا خفيا للاحتلال الإسرائيلي، في إطار التنسيق الأمني المتواصل.

وأظهر استطلاع منشور يوم الأربعاء أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، تزايد شعبية حماس بين الفلسطينيين مقابل تراجع في شعبية السلطة الفلسطينية وعباس، ما يشير إلى أن حماس ربما تفوز بأي انتخابات مستقبلية في الأراضي الفلسطينية.

وفي هذا السياق، قال السياسي الفلسطيني، مصطفى البرغوثي، “هذه سلطة بلا سلطة”، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على إيراداتها أو أمنها. وذكر أن انتهاء الاحتلال الإسرائيلي، لا إجراء إصلاحات داخلية، هو ما سيضفي الشرعية على القيادة الفلسطينية.

وأضاف أن “أي سلطة فلسطينية ستخدم الاحتلال الإسرائيلي ستفقد مصداقيتها وشرعيتها”. فيما يقول بعض المسؤولين الفلسطينيين إن استعادة مصداقية السلطة ستتطلب توسيع قاعدتها في إدارة وحدة وطنية لتشمل حماس في حكم غزة والضفة الغربية.

لكن مسؤولين أميركيين قالوا إن واشنطن مصرة على رفضها اضطلاع زعماء حماس بأي دور، ولو بالمشاركة بدور صغير. وذكروا أيضا أن القوات الإسرائيلية ينبغي ألا تظل في غزة أكثر من فترة “انتقالية” غير محددة بمجرد انتهاء الحرب.

وقال مسؤول رفيع في إدارة بايدن: “نحتاج إلى شيء ما في غزة. ذلك الشيء لا يمكن أن يكون حماس التي تهدد إسرائيل، ولن تدعم إسرائيل ذلك”. وأضاف “الفراغ ليس الحل أيضا، لأن ذلك سيكون فظيعا وربما يمنح حماس مساحة للعودة”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *