Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

فقاعات الدولة الفلسطينيّة

كثر الحديث عن دولة فلسطينيّة في الأسابيع الأخيرة، وبعد تدمير قطاع غزّة الّذي ما زال مستمرًّا، وبعد أكثر من تسعين ألف شهيد وجريح، وبعد تجويع مستمرّ ونزوح أكثر من مليون ونصف مليون إنسان يواجهون خطر الإبادة! كثر حديث بعض الأوروبّيّين ومسؤولين بريطانيّين وأميركيّين عن دولة فلسطينيّة بعد حكم حماس، وتشترط بريطانيا كي تفكّر بالاعتراف بدولة فلسطينيّة أن لا تبقى حماس في قطاع غزّة، ودون أن يحدّد هؤلاء ما هي هذه الدولة الفلسطينيّة الّتي يريدونها وما هي حدودها، وما هو موقفهم من المستوطنات والمستوطنين، ومن القدس الشرقيّة!

ولكن ما إن نشر عن بضعة أفراد يعملون في الأونروا بأنّهم من نشطاء حركة حماس الّذين قدّر عددهم بثلاثة عشر شخصًا، حتّى أعلنت حكومات هذه الدول وقف مساعداتها ودعمها للأونروا الّتي يعمل فيها عشرة آلاف موظّف! فمقتل عشرات آلاف المدنيّين وتجويع مئات الآلاف لم يستفز هؤلاء الّذين فطنوا فجأة بأنّ سبب المشكلة، فصاروا يردّدون كلامًا عن دولة فلسطينيّة! ولكن مع من هذه الدولة وباتّفاق مع من من الجانب الإسرائيليّ ومن الّذي سيرغم إسرائيل على قبول هذا الحلّ! وهل ستجرى ضدّها عقوبات؟ وهل ستحاصر ويمنع عنها الدعم إذا ما رفضت الدولة الفلسطينيّة؟!

كيف لهذه الدولة أن تقوم بينما وزراء في حكومة إسرائيل يتّهمون إدارة أميركا بدعم إرهاب حماس، رغم كلّ ما قدّمته وما زالت تقدّمه إدارة جو بايدن لدعم حرب الإبادة في قطاع غزّة!

جريمة إدارة بايدن أنّها أعلنت عن عقوبة اقتصاديّة على أربعة مستوطنين قالت إنّهم يسبّبون خطرًا على استقرار المنطقة!

تخيّلوا على ماذا الزعل من أميركا الّتي قدّمت 14 مليار دولار، وأحدث أسلحة الدمار، وشاركت وتشارك في أسطولها وطائرات الاستطلاع ضدّ المقاومة في قطاع غزّة وفي لبنان وضدّ من تجرّأ على دعم مقاومة! ماذا يعني أن ينادي هؤلاء الداعمون للحرب الرافضون لوقفها الآن بحلّ الدولتين وضرورة الدولة الفلسطينيّة، بينما لا يفعلون شيئًا لوقف إبادة شعب تجري أمام أعينهم وأعين العالم في البثّ المباشر!

هذه الإعلانات عن دولة فلسطينيّة من دون أيّ التزام لا بحدود هذه الدولة، ولا بمقوّماتها، ولا بأيّ عمل جدّيّ يرغم الاحتلال على وقف الاستيطان في الضفّة الغربيّة والاعتداءات على الناس وممتلكاتهم ولا أيّ عمل جدّيّ لوقف حرب الإبادة في قطاع غزّة، يشبه عمل المهرّج الّذي يلوح للجمهور بمنديل أحمر باليد اليمنى كي يخفي ما يفعله باليد اليسرى!

هذه التصريحات عن الدولة الفلسطينيّة لم تسمع قبل هذه الحرب، بل كانوا قد تجاهلوا، وركّزوا جهودهم على التطبيع بين الدول العربيّة وإسرائيل، وعلى تخريب الربيع العربيّ وإغراقه بالدم، ولا نسمع دعوتهم إلى الدولة الفلسطينيّة إلّا عندما يحتاجونها كورقة تين لتغطية جرائمهم في المنطقة العربيّة كلّها.

الموقف الحقيقيّ الآن هو العمل على وقف حرب الإبادة، العمل أوّلًا على وقف إطلاق للنار، لإتاحة الحياة لمئات آلاف النازحين والمحاصرين، ثمّ إتاحة الفرصة لتبادل الأسرى والرهائن وضمان عودة النازحين الجدد في قطاع غزّة إلى بيوتهم، لمن بقي له بيت أو شبه بيت أو حتّى أنقاض بيت، في كلّ أرجاء القطاع!

أمّا الاكتفاء بالشعار الفضفاض “حلّ الدولتين” الآن، بل ووضع شروط استباقيّة لهذا الاعتراف، فإنّما يراد منه غضّ الطرف عن حرب الإبادة، تحت ساتر دخانيّ مبتذل اسمه حلّ الدولتين!

هذا ينطبق على الدول العربيّة الّتي تعرب عن قلقها لما يجري دون اتّخاذ أيّ موقف حقيقيّ لوقف حرب الإبادة المعلنة، بل وتسبقهم جنوب إفريقيا وكثير من دول العالم في الموقف الحقيقيّ والعمل الجادّ لوقف حرب الإبادة!

إذا كان كلّ الدعم الّذي قدّمه ويقدّمه وتلتزم به إدارة جو بايدن الديمقراطيّة لا تلقى سوى التعزير والنكران من أصحاب القرار في إسرائيل لمجرّد إعلان أميركا زعلها من تصرّفات بعض المستوطنين! ويسرّع البيت الأبيض ليردّ على بن غبير ليس بالانزعاج أو الدهشة من نكران الجميل، بل ليؤكّد لابن غبير أنّ الموقف الأميركيّ الداعم لم ولن يتغيّر تجاه إسرائيل!

حديث أميركا والغرب وبعض العرب عن دولة فلسطينيّة ليس سوى فقاعات لا رصيد لها على أرض الواقع، ولا هدف لها سوى التغطية على التواطؤ مع حرب الإبادة الدائرة على قدم وساق نيف وأربعة أشهر.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *