بقلم: بسام عزيز
الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد رؤية مستقبلية بل صار أمرا واقعا، نتيجة الفرص الهائلة التي أتاحتها التنمية الاقتصادية، وأفضل مثال للذكاء الاصطناعي ما تقدمه مصانع السيارات الذكية، فقبل سنوات كان استخدام سيارة أوتوماتيكية بالكامل حلما، واليوم أصبح لدينا أسطول من السيارات ذاتية القيادة تسير على الطرق.
الذكاء الاصطناعي.. وصل إلى تأليف الموسيقى، والغناء، إلى جانب مخاوف أخرى تتعلق بقدرة الآلات الذكية على اختراق خصوصية البشر، والقضية الأكثر إثارة للقلق أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على الوظائف والمهن البشرية وتحويل أصحابها إلى عاطلين، ففي مجال الصحة، قفز الذكاء الاصطناعي بمستوى الخدمة الطبية إلى مستوى غير متوقع، وذلك مع استخدام الأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وأصبح اكتشاف المرض وتشخيصه وعلاجه أسهل، إذ لعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما في تنفيذ عمليات طبية.
بينما أكدت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي نظمتها الأمم المتحدة، أوائل شهر أغسطس الجاري، أن الروبوتات لن تسرق وظائف البشر ولن تتمرد عليهم، في ظل تحذيرات من خبراء حول العالم من التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي.
«سأعمل جنبا إلى جنب مع البشر لتقديم المساعدة والدعم ولن أحل محل أي وظائف موجودة».. هذا ما قالته غريس، محاولة نفي ما يتردد بأنها ستحل محل البشر، وللعلم «غريس» روبوت طبي ترتدي زي الممرضة الأزرق، عرضت في قمة الذكاء الاصطناعي، مثل غيرها الكثير من الروبوتات التي تحدثت مع الصحافيين وأجابت عن أسئلتهم.
بينما جاء تصريح الروبوت «صوفيا»، صادما بأنها تعتقد أن الروبوتات يمكنها أن تصنع قادة أفضل من البشر، ما يعزز المخاوف التي يثيرها الذكاء الاصطناعي، في وقت تتحدث أكثر السيناريوهات تشاؤما عن تهديد الذكاء الاصطناعي للبشرية بـ «الفناء»، ويعزز التطور الذي يشهده عالم الذكاء الاصطناعي من تلك المخاوف، إذ تم أخيرا تزويد العديد من الروبوتات بأحدث إصدارات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتفاجئ مخترعيها أنفسهم.
حتى إن جيفري هينتون، الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، والفائز بجائزة تورينج عام 2018 عن عمله في التعلم العميق، استقال من وظيفته بشركة «جوجل»، محذرا من مخاطر متزايدة بسبب التطورات الجارية في هذا المجال، وقال إن بعض جوانب تشات بوت «مخيفة للغاية»، معترفا بأن أنظمة «تشات بوت» (روبوتات الدردشة الآلية) يمكن أن تتفوق قريبا على الدماغ البشري، من حيث كمية المعلومات المخزنة، بينما قال هينتون أيضا إن الروبوتات ليست أذكى من البشر في الوقت الحالي، وإنه لا يعتقد أنها ستتفوق عليهم قريبا، وهو ما يجب أن يثير قلقنا.
أيضا رجل الأعمال إيلون ماسك، وقع مع عشرات من العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي على خطاب يدعو إلى وقف مؤقت لجميع جهود تطوير نسخ أكثر تقدما من الإصدار الحالي من روبوت الدردشة، حتى يتم التوصل إلى تدابير أمان أكثر صرامة.
بحسب مجلة BMJ Global Health، تصنف تهديدات الذكاء الاصطناعي إلى 3 مجموعات من التهديدات، ترتبط بإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، سواء أكانت متعمدة أو عرضية، أو بسبب الفشل في توقع التأثيرات التحويلية للذكاء الاصطناعي، ما دفع الكونغرس الأميركي الى إصدار مجموعة قواعد جديدة تحد من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي»ChatGPT داخل مكاتب العمل، كما حذرت كثيرا من الشركات والمؤسسات من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي تفاديا لإساءة الاستخدام أو تسريب البيانات، كما أقدمت شركات مثل سامسونج وآبل على حظر استخدام تلك الأدوات على موظفيها، واتخذت بعض المدارس والمؤسسات التعليمية إجراءات مماثلة منعا للغش.
كل ما سبق جعل المشرعين وشركات الذكاء الصناعي، على حد سواء، يشعرون بالقلق، معبرين عن خوفهم من سوء الاستخدام المحتمل لهذه التكنولوجيا، ومطالبين بوضع تنظيمات لها، وهو ما علينا البدء به هنا في منطقتنا العربية وأخص بالحديث الكويت، علينا البدء في وضع تشريعات لحماية البشر من الروبوتات.
