Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

الأبارتهايد في التطبيق

المتابع للساحة الإسرائيلية وصراعاتها الداخلية الراهنة قد يتخيل أن هناك قطبين تقع “الصهيونية الدينية” بشقها الذي يرأسه الوزير الكاهاني الفاشي إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت” في أقصى القطب الأول، وفي قطبها الآخر يقع “المعسكر الوطني” (همحني همملختي) الذي يقوده بيني غانتس و”ييش عتيد” وحزب العمل أو ما تبقى منه، وأن التنافر بين أعضاء الكنيست من القطبين “المتناحرين” بلغ حدا لا يمكن أن يجتمع معه عضوا كنيست على مشروع قانون مشترك في أوج “الصراع المحتدم” على ما يسمى بـ”الإصلاح القضائي”.

إلا أن العداء للفلسطينيين الذي يوحد الأحزاب الصهيونية ويضرب عميقا في هياكلها السياسية، من شأنه أن يبطل أي عجب ويقدم دليلا إضافيا على أن فاشية حزب غانتس، عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، لا تقل عن فاشية بن غفير، وهي كفيلة بتشكيل أرضية مشتركة لاقتراح القانون الذي قدمه عضو الكنيست تسفيكا فوغل من حزب بن غفير، وعضو الكنيست شارن ميريام هسكل، من حزب غانتس، والذي يحرم الأسرى الفلسطينيين من العلاجات الطبية تحت ذريعة “علاجات تحسين الحياة”، والذي يلقى معارضة شديدة من نقابة الأطباء الإسرائيلية.

هذا المشترك الصهيوني المعادي للفلسطيني هو ما وحد الأحزاب الإسرائيلية في العدوان الأخير على غزة رغم خلافاتها الداخلية، وهو ما وحدها في التصويت على قانون الأبارتهايد المسمى “قانون القومية” الذي حظي بإجماع إسرائيلي من الحائط إلى الحائط وشرعنته المحكمة العليا، وهو ما يوحدها في الحكم بالموت على الأسير وليد دقة، مثلما حكمت بالموت على الأسير خضر عدنان.

لا فرق بين بن غفير وغانتس عندما يتعلق الأمر بقتل الفلسطيني في غزة وعزل الفلسطيني في الضفة ومحاصرة الفلسطيني في الجليل، لأن ما يوحدهم هو الإيمان بالتفوق العرقي اليهودي الذي يبرر استعمال كافة الأسلحة العسكرية والقانونية والسياسية التي تضمن السيطرة على الحيز الجغرافي السياسي وضمان الهيمنة الصهيونية عليه.

في هذا السياق جاءت تصريحات وزير القضاء من حزب الليكود، ياريف ليفين، ضد سكن المواطنين العرب في المدن اليهودية في إطار دفاعه عن مشروع القانون الذي قدمه وزير تطوير الجليل والنقب يتسحاك فاسيرلاوف، من حزب بن غفير، والذي ينص على أن تكون الصهيونية قيمة موجهة لسياسات وأعمال الحكومة والذي يراد له أن يكون ترجمة عملية لنظام الفصل العنصري الذي شرعه “قانون القومية”.

وهو اقتراح القانون الذي تعارضه المستشارة القضائية للحكومة، ليس لأنه يتعارض مع قيمة المساواة ومن شأنه منع العرب من السكن في المدن اليهودية وحجب قروض الإسكان عنهم، بل من شأنه أن يؤدي إلى طرد العرب الذين يسكنون في هذه المدن منها ومصادرة حقوقهم في التعليم وخدمات الصحة في نطاقها.

وذلك بالأخذ بالاعتبار أن المواطنين العرب الذين يسكنون هذه المدن لا يحصلون على خدمات متساوية أسوة بالمواطنين اليهود في هذه المجالات، ويكفي في هذا السياق الإشارة الى حرمان المواطنين العرب في نتسيرت عيليت/ نوف هجليل، الذين يشكلون 30% من سكان المدينة، من بناء مدرسة عربية، ما يضطر أكثر من ثلاثة آلاف طالب عربي إلى اللجوء للحصول على هذه الخدمات في الناصرة والقرى المجاورة، هذا ناهيك عن الخدمات الدينية مثل المساجد والكنائس والمقابر.

ورغم النضال القضائي الذي يخوضه سكان نوف هجليل منذ عقد من الزمن، فإن القضاء الإسرائيلي المتنور ودرة تاجه – المحكمة العليا، لم يسعفهم في نيل حقوق المواطن الأساسية في مكان سكناهم القانوني، حيث ردت هذه المحاكم التماسات الأهالي العرب في أكثر من مرة قبل “قانون القومية” وبعده.

هذا هو حال المواطنين العرب في المدينة التوأم كرمئيل أيضا، التي يشكل العرب 6% من سكانها فقط، حيث يورد تسفي بارئيل في مقال نشرته “هآرتس” أن يانيف لوزون، وهو مسجل كبير في محكمة الصلح في “الكريوت” كان قد سوغ رفضه لتمويل سفريات الطلاب العرب عام 2020، بالاستناد إلى البند السابع في قانون القومية الذي ينص على أن “الدولة ترى في تطوير الاستيطان اليهودي قيمة وطنية…”.

إلا أن قاضي المحكمة المركزية في حيفا، رون شبيرا، الذي رفض استئناف أهالي الطلاب هو الآخر، أشار إلى أن الاستناد إلى “قانون القومية” في رفض الالتماس خاطئا من الأساس، واضعا بذلك حدا للقضية التي أعطت “قانون القومية” صلاحية فعلية عوضا عن أن يبقى تصريحيا.

وحتى لو لم يمر قانون الوزير الفاشي فاسيرلاوف فإن القاضي شبيرا سينهي مهام منصبه في المحكمة المركزية في حيفا بعد أربع سنوات، ويجري استبداله مثل قضاة كثر آخرين بقضاة “صحيحين” “موالين” و”صهيونيين”، كما يقول بارئيل في إشارة إلى تغيير إجراء تعيين القضاة، ممن صنعوا على صورة ياريف ليفين، الذي كان قد وصف في حينه “قانون القومية” بأنه يمزق القناع المتمثل بقيم قوانين الأساس القائمة الذي يغطي وجوه القضاة ويجعل مهمتهم أكثر صعوبة، في إشارة إلى اكتمال دائرة قوانين الفصل العنصري مع قضاة عنصريين أيضا.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *