«القاهرة-نيودلهي».. علاقات تاريخية واقتصادية تتأهب لغزو الأسواق الأوروبية والأفريقية – تحقيقات وملفات

أكد خبراء اقتصاديون ومحللون سياسيون أهمية العلاقات المصرية الهندية، مؤكدين أن هناك رغبة من البلدين لتعزيز الشراكة والاستثمارات فيما بينهما، وأن دعوة مصر للمشاركة فى قمة العشرين من شأنها أن تفتح آفاقاً جديدة لإقامة مشروعات استثمارية وصناعية ضخمة فى مصر، وأضافوا أن الهند لديها تطلعات اقتصادية نحو الشرق الأوسط وأفريقيا، ما يجعل مصر محط اهتمام، خاصة أن هناك رغبة من الجانب الهندى للاستثمار فى منطقة قناة السويس، حيث تعد البوابة الرئيسية إلى الأسواق الأوروبية، فضلاً عن مجالات التعاون بين البلدين لا سيما فى مجال التكنولوجيا والاتصالات والزراعة والملاحة، مؤكدين أن دعوة الهند لمصر لتكون ضيف شرف مجموعة العشرين تؤكد أن هناك مستقبلاً مشرقاً بين البلدين.

«العناني»: تنظر للقاهرة على أنها ركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا

وقال الدكتور أحمد العنانى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن هناك علاقات وثيقة بين البلدين، تظهر من خلال تبادل الخبرات، خاصة فى المجال التجارى والعسكرى، موضحاً أن العالم ينظر إلى مصر على أنها ركيزة الاستقرار فى الشرق الأوسط على الصعيد الاقتصادى والسياسى، وهو ما ظهر فى دورها القوى على الساحة خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف لـ«الوطن»، أن هناك مساعى واضحة وقوية، سواء من الجانب المصرى أو الهندى لتعظيم المصالح المشتركة وتعزيز الدعم المتبادل بين البلدين، على الرغم من الأزمات العالمية التى تواجه الجميع، بداية من جائحة كورونا مروراً بالأزمة الأوكرانية، موضحاً أن هذا يدفع لتوثيق التعاون الاقتصادى والسياسى وتقوية التعاون العلمى والأكاديمى بين البلدين، مشيراً إلى أن دعوة مصر لتكون ضيفاً رئيسياً خلال اجتماعات قمة العشرين، تؤكد أنها تحظى باهتمام دولى نظراً لكونها البوابة الرئيسية لأفريقيا.

وشدد العنانى على أن العلاقات المصرية الهندية شهدت تطوراً كبيراً فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، إذ تعددت الزيارات بين قيادات البلدين، موضحاً أن البداية كانت فى سبتمبر 2016 عندما زار الرئيس السيسى الهند، ودشن مرحلة جديدة من العلاقات، مؤكداً وجود نمو واضح فى العلاقات بين القاهرة ونيودلهى، فمثلاً حجم التبادل التجارى بينهما يتجاوز 7.5 مليار دولار بما يضع الهند فى مقدمة الشركاء التجاريين لمصر، وبالتالى نحن نتحدث عن علاقات قوية ومتينة تقوم على المصالح والاحترام المتبادل والتنسيق السياسى.

وأكد العنانى أن الهند من أقوى اقتصادات العالم، ولديها مزايا نسبية وتجارب ثرية، يمكن لمصر الاستفادة منها خاصة فى مجال التكنولوجيا، حيث إنها تمتلك أحدث البرامج التكنولوجية، التى يمكن أن تكون مجالاً للتعاون بين البلدين، مضيفاً أن الزراعة هى أحد المجالات الواعدة للتعاون أيضاً، موضحاً أن الهند من أكبر الدول المصدرة للقمح والأرز والحبوب، ويمكن تبادل الخبرات حول طرق الزراعة الحديثة.

وأوضح أن من المجالات الواعدة التى يمكن الاستثمار فيها بين البلدين هى الملاحة، حيث تسعى الهند إلى الوصول للسوق الأوروبية من خلال قناة السويس، وبالتالى فهى صاحبة تطلعات للاستثمار فى تلك المنطقة، ويمكن إنشاء منطقة صناعية بين البلدين.

«العمدة»: الهند لديها رغبة واضحة للاستثمار في منطقة قناة السويس

وأوضح الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد السياسى بجامعة القاهرة أن تجربة الهند خلقت لها مكاناً مميزاً على خريطة الاقتصاد العالمى، حتى أصبحت الاقتصاد الخامس عالمياً، باستثمارات تجاوزت 3.3 تريليون دولار، وصارت ملهمة للعديد من الاقتصادات الناشئة وبينها مصر، فضلاً عن اهتمام نيودلهى بالاستثمار فى مصر من خلال دعمها للانضمام لمجموعة بريكس، ثم دعوة الحكومة الهندية لمصر للمشاركة فى اجتماعات قمة العشرين كضيف رئيسى، وهو ما يؤكد عمق العلاقات والصداقة الواضحة بين البلدين.

وأضاف «العمدة» لـ«الوطن»، أن الهند تعد شريكاً تجارياً أساسياً لمصر فى آسيا، إذ ارتفع حجم التبادل التجارى بين البلدين فى العام 2022 إلى نحو 7.2 مليار دولار مقابل 5.7 مليار دولار فى 2021، مشيراً إلى أن الواردات من الهند خلال 2021 وصلت إلى 3 مليارات دولار، أما الصادرات المصرية للهند فى العام ذاته فوصلت إلى 2.7 مليار دولار، لافتاً إلى أن الهند لديها اهتمام كبير بأفريقيا والشرق الأوسط، وهى تعتبر مصر الدولة الأهم أفريقياً، موضحاً أن الهند تتميز بأن ثقافتها تتشابه بشكل كبير مع ثقافة مجتمعات الشرق الأوسط، خاصة أن تراثها التاريخى يرتبط بالعديد من البلدان الأفريقية.

ولفت «العمدة» إلى أن العلاقات الاقتصادية بين نيودلهى والقاهرة تشهد تطوراً كبيراً فى الفترة الماضية، إذ يظهر التعاون فى العديد من المجالات، أبرزها الاستثمار والتدريب، مضيفاً أن مصر بدأت التعاون مع الهند فى عدد من المجالات وعلى رأسها تكنولوجيا الاتصالات، التى تعد الهند رائدة فيها، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الهندى أكد خلال زيارته لمصر فى يونيو الماضى، اهتمام بلاده بالاستثمار فى منطقة قناة السويس، بالإضافة إلى أن هناك نحو 5 مجالات أخرى للتعاون بين البلدين، من بينها الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية والطاقة المتجددة والسيارات ومكوناتها.

ونوه بأن الاستثمارات الهندية فى مصر شملت 52 مشروعاً فى مجالات الكيماويات والكربون والتعبئة والتغليف والمنتجات الغذائية والسياحة، ووصلت قيمتها إلى 3.2 مليار دولار، مشيراً إلى أن هناك خطة بين البلدين لزيادة الاستثمارات لتصل إلى 12 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، وعن مشاركة مصر فى قمة العشرين التى تستضيفها نيودلهى، قال «العمدة» إن دعوة مصر لتكون ضيف شرف المجموعة يعكس طبيعة العلاقة بين البلدين، موضحاً أنه يمكن فتح آفاق جديدة للتعاون والاستثمار بين البلدين مستقبلاً، وهو ما يطمح إليه قادة البلدين.