Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

سعود كاتب: أنت من يقرر التقاعد

أكد الكاتب د. سعود كاتب، أن الشخص وحده هو من يقرر أن يتخلى عن خبراته المهنية عبر سنوات من العمل الوظيفي، لمجرد وصوله إلى سن التقاعد، مؤكدًا أن ما يميز شخصًا عن آخر هو شغفه بالمهنة وقدرته على العطاء تحت أي سن.

وجاء نص المقال على النحو التالي:

قد يهمّك أيضاً


لا أهداف في الشوط الأول بمباراة النصر ضد باريس سان جيرمان

ما الذي يعنيه أن يقضي الشخص قرابة 30 عامًا في ممارسة مهنة محددة، سبقتها سنوات طويلة في دراسة التخصص المناسب، تتراوح ما بين 4 إلى 10 سنوات، ثم بعد كل ذلك المجهود وتلك السنين يتوقف كليًّا عن أداء كل ما له علاقة بتلك المهنة، وتتبخر تلك الخبرة التراكمية الكبيرة، وربما النادرة، وكأنها لم تكن، وذلك لمجرد تلقِّيه خطابًا جافًّا معدود السطور يُخبره بأنه أُحيل على التقاعد، وأن عليه مراجعة الإدارة المعنية لتصفية مستحقاته حسب النظام.

نحتاج أولًا لفهم معنى كلمة تقاعد، فهي في السياق المذكور أعلاه تعني إنهاء خدمة الموظف وإيقافه عن مزاولة العمل، لبلوغه السن القانونية، أما لغويًّا فهي وفقًا لمعجم المعاني تعني: التوقف عن الحركة.. الجلوس بعد وقوف.. التكاسل.. التقاعس.. عدم الاهتمام.

وأيًّا كان التعريف، فإن توقُّف الشخص عن أداء وظيفته، بعد مرحلة معينة، هو أمر طبيعي، بل أمر صحي لتجديد الدماء، ومنح الفرصة للغير للعطاء والتجديد، ولكنه وبكل تأكيد غير صحي عندما يعني تبخُّر وتلاشي كنوز من الخبرات والمعارف، والتعامل معها كمنتهية الصلاحية، مثلها مثل الرقم السري وبطاقة العمل ومفتاح المكتب، التي يتم تسليمها في آخر يوم عمل.

طبعًا هناك مَن يرى أنَّ من حق الموظف بعد تقاعده التفرغ لنفسه وصحته وأسرته ورفاقه، وهو رأي مشروع لولا أنه نادرًا ما تتم ممارسته فعليًّا بالصورة المذكورة، بل يتم قضاؤه في السهر مع الأصدقاء، وأمام شاشات التلفزيون والجوال، وقليلًا منه نوعيًّا مع العائلة، أو ممارسة الرياضة بانتظام، أو القيام بعمل مفيد، كالقراءة والكتابة، والعمل التطوعي.

دعوة للتفاؤل

ما يدعو للتفاؤل بهذا الخصوص، هو أننا بدأنا نرى مزيدًا ممَّن يمارسون بعد تركهم مناصبهم أنشطة مفيدة ذات علاقة بخبراتهم السابقة، ومنهم على سبيل المثال، معالي الدكتور نزار مدني، وزير الدولة للشؤون الخارجية سابقًا، والذي قضى قرابة خمسين عامًا في العمل الدبلوماسي، ولم يبخل علينا اليوم بعصارة فكره وخبرته عبر مؤلفاته وكتاباته القيمة عن السياسة الخارجية السعودية، وعن سيرته وتجربته الشخصية معها.

وهناك أيضًا داوود الشريان، والذي لم تُوقفه السنين عن ممارسة مهنة الإعلام، والتنقل بين جنباتها المختلفة، مواجهًا في رحلته تلك؛ الكثير من الصعوبات والتحديات التي لم تتمكن من كسر إرادته وعشقه لعمله. وكذلك الدكتور محمد الصبان، الذي شغل وظيفة كبير المستشارين لوزير البترول والثروة المعدنية، وهو اليوم أحد أبرز الخبراء المتحدثين في شؤون الطاقة، عبر تغريداته ومقالاته ومؤلفاته. وهناك قطعًا أسماء أخرى لا يتسع المجال لذكرها، ومنها معالي السفير عبدالله المعلمي، المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة سابقًا، واللواء عبدالله السعدون عضو مجلس الشورى والبرلمان العربي سابقًا.. ولجميعهم مساهمات بارزة يُقدِّمون فيها خلاصة خبراتهم وتجاربهم الثرية للناس.

الشغف للمهنة

هذه الأسماء جميعها، وغيرها كثير، جمعتهم كلمة سر واحدة، تميزهم عن سواهم، وهي الشغف لمهنهم، التي لم تكن تعني لهم يومًا مجرد منصب رفيع، وراتب آخر الشهر، بل هي جزء من عشقهم ونمط حياتهم، واهتمامهم الذي لم ولن يستطيع أي خطاب تقاعد إبعادهم عنه.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *