Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

تنصيب “مخاتير” لإدارة حياة الغزيين لم ولن ينجح

“الجيش يتمسك بتطهير القطاع، وهذه مهمة عسكرية صرف؛ العالم، وبضمنه حكومات ودية لإسرائيل، مقتنع بأن الحديث يدور عن حملة انتقام، عمياء ووحشية، وتطهير عرقي. فهذه هي الرسالة من مشاهد الدمار واللجوء التي شاهدها العالم”

نازحون من شمال القطاع في رفح، الثلاثاء الماضي (Getty Images)

لم تحقق الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، خلال الأشهر الثلاثة الماضية “أهدافها المستحيلة” التي أعلنها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مثلما لم تحقق “أهدافها الواقعية” التي صاغها رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي. “وهذا ليس اتهاما، وإنما حقيقة. وتوجد إنجازات عملياتية ميدانية، في الجنوب وكذلك عند حدود لبنان. ول توجد حلول، لأنه لا توجد إستراتيجية خروج” من الحرب، وفق ما كتب المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، اليوم الجمعة.

وحسب برنياع، فإن انتشار الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة “أعمق وأوسع من تقارير سابقة. وقيادة المنطقة الجنوبية للجيش تعتزم توسيعها. والعمليات التي بدأت في أحياء شمال شرق خانيونس تمتد جنوبا إلى المدينة كلها. وخلال أيام ستكون المنطقة كلها التي تقع شمالي وادي غزة تحت سيطرة إسرائيلية. ولن يُسمح للسكان الذين اتجهوا جنوبا بالعودة. والجيش الإسرائيلي سيتقدم نحو سيطرة على مخيمات الوسط، البريج والنصيرات”.

وأشار إلى أن ثمة ثلاث طرق لوصف النوايا الإسرائيلية من وراء هذه العمليات. “الأولى هي تطهير: الجيش الإسرائيلي سيتوجه إلى أي مكان تتواجد فيه كتائب حماس، ليقتل ويفجر مقرات قيادية وفتحات أنفاق”.

دمار رهيب خلفه الجيش الإسرائيلي، شمال القطاع الثلاثاء الماضي (Getty Images)

وأضاف أن “الطريقة الثانية هي انتقام: الجيش الإسرائيلي يهدم على مراحل كل المنطقة المبنية في القطاع ويحول سكانها إلى مهجرين، في الخيام أو الشوارع. وكان في رفح في 7 أكتوبر 200 ألف نسمة، واليوم يوجد هناك 800 ألف نسمة”.

وتابع أن “الطريقة الثالثة احتلال: الجيش الإسرائيلي يحتل القطاع ويُنشئ فراغا سيستدعي لاحق إقامة حكم عسكري واستيطان يهودي”.

ووفقا لبرنياع، فإن “الجيش يتمسك بالطريقة الأولى، التطهير، وهذه مهمة عسكرية صرف؛ العالم، وبضمنه حكومات ودية لإسرائيل، مقتنع بأن الحديث يدور عن الإمكانية الثانية، حملة انتقام، عمياء ووحشية، وتطهير عرقي: هذه هي الرسالة من مشاهد الدمار واللجوء التي انكشف عليها العالم في القنوات التلفزيونية والشبكات الاجتماعية؛ وهذه هي الاقتباسات المنشورة على لسان وزراء في الحكومة الإسرائيلية”.

وأشار إلى أن مدة الحرب الحالية على غزة ليست مألوفة. “فالحرب التي بدأت بإخفاق رهيب، بكارثة، بإمكانها أن تحظى بتأييد جماهيري واسع، ولفترة طويلة. ومثل حجم الخراب هو حجم تعلقنا بالجيش بعد الخراب”.

ولفت برنياع إلى أن “الجيش يأمل بواقع في غزة يسمح بقواعد لعبة شبيهة مثلما هي في شمال الضفة: أن يدخل الجيش الإسرائيلي إلى المدن والقرة كمشيئته؛ وأن يدير الفلسطينيون الناحية المدنية بتعاون جزئي مع إسرائيل. لكن غزة ليست جنين. وانهيار نظام حماس المدني سيحولها إلى ثقب أسود، تماما مثلما تظهر غزة وأخواتها في الصور الجوية”.

وتابع: “من سيدير غزة من أجلنا؟ حمائل، وفقا لاقتراح مسؤولين في جهاز الأمن. سيدير القطاع من أجلنا مخاتير وزعماء حمائل. وتعهد نتنياهو بألا يكون القطاع حماستان ولا فتحستان. سيكون حمائلستنان إذا. ويذكر المسنون بيننا أنه تمت تجربة هذا الاختراع مرة، في العام 1977، وانتهى بفشل مدوٍ. وأطلقوا عليه في حينه تسمية روابط القرى. ومثلما كان إبان الانتداب البريطاني، المخاتير يديرون حياة السكان تحت سلطة الحاكم العسكري. وهذا لم ينجح حينها ولن ينجح الآن، فيما يحيى السنوار ورفاقه يقتلون متعاونين على أقل من ذلك بكثير”.

وشدد برنياع على أن إمدادات الأسلحة الأميركية الهائلة لإسرائيل “مفرحة ومقلقة. مفرحة، لأن بدينا في هذه الحرب حليفة قوية بالإمكان الاعتماد عليها؛ مقلقة، لأنه اتضح أن إسرائيل ليست قادرة على التغلب وحدها حتى على أصغر أعدائنا”.

من جانبه، أفاد المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، بأن الجيش الإسرائيل بدأ الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة “من دون الإعلان عن ذلك”. وادعى أن هذه المرحلة تقضي بتقليص القوات والانتقال إلى هجمات مركزة في القطاع.

وأشار هرئيل إلى معارضة نتنياهو للانتقال إلى المرحلة الثالثة. “رغم أن إدارة بايدن توقعت تقليص الهجوم الإسرائيلي، وخاصة تقليص استهداف المواطنين الفلسطينيين، لكن كانت هناك ضرورات أخرى لدى نتنياهو. من جهة، تخوف من شرخ مع اليمين المتطرف في حكومته. ومن الجهة الأخرى، من شأن تخفيض شدة القتال في القطاع أن يلمح لحماس أن الضغط العسكري على قيادتها سينخفض، وأن عليها أن تتحمل ذلك لفترة قصيرة فقط كي تخرج صامدة من هذه الحرب”.

وأضاف أن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أيدت الانتقال إلى المرحلة الثالثة لأسباب غير متعلقة بالإدارة الأميركية أيضا. “يتعين على الجيش أن يسرح قوات احتياط كي لا يضعفهم ومن أجل تقليص الضرر بالاقتصاد؛ وهو يسعى إلى تجهيز وحداته لإمكانية تصعيد شديد في لبنان لاحقا. والحل الذي توصل إليه هو انسحاب زاحف: الفلسطينيون يفيدون بأن المزيد من الأماكن التي لا يوجد فيها تموضع إسرائيلي دائم في شمال القطاع، وقسم من المواطنين بدأوا بالعودة إلى الأحياء المدمرة”.

وفيما يتعلق بالوضع في جبهة إسرائيل الشمالية، أشار هرئيل إلى أن “القرارات بشأن إجلاء السكان من البلدات الإسرائيلية الحدودية اتخذت تحت ضغوط بالغة، وفيما كانت جراح المجزرة في الجنوب (إثر هجوم “طوفان الأقصى”) لا تزال مفتوحة ونازفة. وبعد أن صار ما صار، ثمة مكان للتساؤل حول ما إذا كانت هذه خطوة أكبر مما ينبغي”.

توقف عن العمل في حقول بلدة “متات” الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية (Getty Images)

وأضاف أنه تتعالى “ادعاءات بأن حزب الله كان سيقلل إطلاق النار على هذه البلدات لو بقيت مأهولة بمدنيين. والإجلاء الشامل والواقع الذي نشأ في أعقابه هما جزء من المفاجآت التي فيها تتدحرج الحرب، من صدمة هجوم حماس المفاجئ وحتى حقيقة أن القتال دائر منذ 90 يوما من دون أي مؤشر على نهاية قريبة له”.

ولفت هرئيل إلى ما وصفها بأنها “قضية مبدئية وتاريخية: لقد تباهت إسرائيل دائما بأن المحراث يرسم خط الحدود وتتم زراعة الأرض حتى التلم الأخير. والآن، بتأثير المجزرة في غلاف غزة وإطلاق النار في الشمال، أخلت السكان من كلا منطقتيها الحدوديتين مقابل غزة ولبنان وأبقت فيهما قوات الجيش فقط. ولأول مرة، في الكيبوتسات والموشافيم على طول خطي الحدود، لم يعد العمل في الزراعة قريبا من الجدار أمرا مفروغا منه”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *