Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

هل يتجه السودان إلى حرب طويلة الأمد مع غياب

بعد اسابيع من المعارك الضارية في العاصمة السودانية الخرطوم وعدة مناطق، لم يحسم أي طرف المعركة لصالحه، ما يعد مؤشرا خطيرا على أن القتال مرشح ليتواصل لفترة طويلة تهدد بسقوط مزيد من الضحايا المدنيين.

فبالنظر إلى توازن القوة بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الرد السريع شبه العسكرية، بزعامة محمد حمدان دقلو الملقب بـ «حميدتي»، فإننا أقرب إلى تكرار سيناريو الحروب الطويلة في اليمن وسورية وليبيا.

بل إن السودان ذاته شهد عدة حروب داخلية طويلة، على غرار تمرد جنوب السودان (19552005)، الذي انتهى بانفصاله رسميا في 2011، وحركات التمرد في دارفور (20032019)، والتمرد الذي شهدته ولايتا جنوب كردوفان والنيل الأزرق (20112019).

لكن هذه المرة الوضع أخطر، فقد تحولت قوات الدعم السريع إلى قوة موازية للجيش، بتعداد 100 ألف مسلح ونحو 10 آلاف عربة مسلحة بمدافع رشاشة مضادة للطيران، ولديها ميزانيتها الخاصة من الحكومة، ناهيك عن استغلالها لمناجم الذهب بجبل عامر في دارفور لحسابها الخاص.

وهذه القوة التي انبثقت من مجموعات الجنجاويد القبلية، المتهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، استغلت أزمات البلاد لتنتشر في عدة محافظات خارج مناطق نفوذها، بما فيها الخرطوم، ناهيك عن شرق وجنوب البلاد.

التدخل الأجنبي

وثمة مخاوف من أن تتدخل قوى دولية لدعم طرفي النزاع بالسلاح، ما سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب وامتداد ساحات المواجهة إلى مناطق أوسع في بلد أنهكته النزاعات الطويلة.

وملامح التدخل الدولي بدأت في الظهور، فمن جهة يقول الجيش السوداني إنه يملك معلومات دقيقة «لعملية تآمر ومؤشرات قوية بتورط أطراف إقليمية ومحلية» في الحرب مع قوات الدعم السريع، ومن جهة أخرى تتهم الأخيرة طيرانا أجنبيا بقصف وحداتها في مدينة بورتسودان (شرق)، التي تضم أكبر ميناء للبلاد على البحر الأحمر.

وإن لم تعلن أي دولة دعمها رسميا لأي طرف، إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، نقلت عن مصادر، أن قائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، أرسل طائرة واحدة على الأقل لنقل إمدادات عسكرية لقوات الدعم السريع في السودان.

ولم تحدد الصحيفة المطار الذي نزلت فيه الطائرة بالسودان، لكن مطار نيالا بولاية جنوب دارفور، هو أقرب مطار، تحت سيطرة قوات حميدتي، للحدود الليبية، غير أن قوات حفتر سارعت إلى نفي هذا الخبر.

وثمة تقارير تتحدث عن أن حميدتي سبق أن دعم حفتر في هجومه للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس (20192020)، وأرسل مقاتلين لمساندته، لذلك لا تستبعد تلك التقارير أن يدعم الأخير قوات الدعم السريع.

حرب المطارات والموانئ

عدم امتلاك «قوات الدعم السريع» لسلاح طيران أو حتى لطيارين مدربين على قيادة المقاتلات أو حتى المروحيات التي يستولون عليها، يمثل نقطة ضعف رئيسية، مقابل الجيش السوداني الذي يتسيد سماء المعركة.

لذلك سعت قوات الدعم السريع للسيطرة على القواعد الجوية والمطارات الاستراتيجية لمنع مقاتلات ومروحيات الجيش السوداني من استخدامها في القصف أو تلقي الدعم العسكري الخارجي.

ولم يتضح بعد إمكانية تلقي قوات الدعم السريع لمساعدات عسكرية خارجية من دول أو جهات تدعمها، رغم أن أصابع الاتهام تتوجه نحو حفتر وشركة مرتزقة فاغنر الروسية ودول إفريقية، دون أدلة تؤكد صحة هذه المزاعم.

وهذا ما يفسر أول تحرك لقوات حميدتي نحو مطار مروي (350 كلم شمال الخرطوم) الذي يسمح لقوات حميدتي بتلقي مساعدات عسكرية وتموينية من الخارج.

ثم تركزت هجمات قوات الدعم السريع على مطار الخرطوم الاستراتيجي، الأكبر في البلاد، والذي يعد محطة مهمة للسيطرة على مفاصل السلطة في العاصمة.

كما حاولت قوات الدعم السريع السيطرة على مطار الأبيض (400 كلم جنوب غرب الخرطوم)، نظرا لموقعه الاستراتيجي الذي يتوسط الخرطوم وإقليم دارفور ومنطقة آبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها مع دولة جنوب السودان.

وشهد مطار الفاشر في ولاية شمال دارفور (ألف كلم غرب الخرطوم) قتالا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للسيطرة عليه، خصوصا أنه يقع ضمن معاقل الأخيرة.

غير أن الجيش السوداني أعلن السيطرة عليه، خاصة أنه المطار الرئيسي في إقليم دارفور، لكنه بالمقابل خسر مطار نيالا، في ولاية جنوب دارفور.

وتبقى معركة الموانئ هي الأهم، لسهولة نقل المؤن والمساعدات العسكرية من الدول الصديقة بحرا وبكميات أكبر من الطائرات، خصوصا أن السودان يطل على البحر الأحمر على طول شريط ساحلي يبلغ 853 كلم، وبه عدة موانئ أشهرها بورتسودان. لذلك سعت قوات الدعم السريع للسيطرة على ميناء بورتسودان، لكنها أخفقت بعد تعرض أرتالها لقصف جوي، قالت إنه من طيران أجنبي.

في أي انقلاب عسكري، لابد من السيطرة على مراكز القيادة والتحكم، المتمثلة بمقرات الرئاسة، والجيش، والإذاعة والتلفزيون، وهذا ما تسعى إليه قوات الدعم السريع، التي تهاجم القصر الجمهوري ومقر قيادة القوات المسلحة المحاذي لمطار الخرطوم، وقريب منه إقامة رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان.

كما هاجمت «الدعم السريع» قيادات القوات الثلاث البرية والجوية والبحرية ومقرات الأجهزة الأمنية والمخابرات، والتي تقع جميعها في منطقة واحدة، علاوة على مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، غربي العاصمة.

ورغم أن المعركة الرئيسية تتركز في مثلث ضيق من حيث المساحة ومكتظ بالسكان، إلا أنها لم تحسم بعد، فالاشتباكات متواصلة وعنيفة واستخدمت فيها أسلحة ثقيلة بما فيها الطيران الحربي، ما يفسر ارتفاع حجم الضحايا المدنيين.

ونظر لافتقادها لحاضنة شعبية قوية في الخرطوم، فمن الصعب على قوات حميدتي تثبيت تمركزاتها بالعاصمة لفترة طويلة، رغم وصول الدعم إليها من قواعدها في دارفور.

الجيش السوداني، من جهته، يجد صعوبة في طرد قوات الدعم السريع من العاصمة رغم استخدامه للأسلحة الثقيلة، بما فيها الدبابات والمروحيات الهجومية، لكنه قام بهجوم عنيف على مقر إقامة حميدتي جنوب الخرطوم، وكأنه رد على إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر إقامة البرهان.

توازن عسكري

وفي ظل التوازن العسكري بين الطرفين، يصبح إطالة أمد حرب السيناريو الأرجح، حتى ولو تم طرد قوات حميدتي من الخرطوم، لأنه قد يلجأ إلى معاقله في دارفور والولايات الجنوبية، ويواصل حرب استنزاف أو يسعى لانفصال الإقليم.

إلا إذا توسطت قوى دولية وازنة من أجل تحقيق السلام، ولو بتقاسم السلطة مجددا، على غرار ما هو جار في جنوب السودان بين سلفاكير ميارديت (من قبائل الدينكا) ورياك مشار (من قبائل النوير).

غير أن الاتفاق الإطاري لنقل السلطة من العسكريين إلى المدنيين احترق بنيران الحرب، فلا توجد مؤشرات على أن العسكريين سيسمحون بتسليم السلطة للمدنيين، رغم وعود البرهان وحميدتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *