Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

شاهد على النكبة.. محمد عودة يستذكر المجازر والظلم في قاقون 

يروي عودة ما عايشه من مجازر وظلم، خاصة في قرية قاقون المجاورة، إذ كان شاهدًا على العنف الذي لحق بالقرويين هناك قبل تهجيرهم ومحو معالم القرية، من إطلاق نار وقنابل سقطت على رؤوسهم.

محمد عودة يقود الدراجة عام 1946

عندما اجتاحت العواصف الترابية الاحتلالية أرض البلاد قبل 76 عاما، كان محمد عودة شابًا في الحادية والعشرين من عمره، يمتلك الوعي الكافي ليدرك ويشهد التحولات المأساوية التي ستغير مسار حياته وحياة شعبٍ إلى الأبد.

اليوم، وقد بلغ الحاج عودة من العمر 97 عامًا، يجلس عودة، محاطًا بجدران منزله المتواضع في بلدة قلنسوة، ليروي قصته كشاهد على النكبة، وهو الشاب الذي كان قد التقى ملك الأردن، عبد الله الأول، في طولكرم، آنذاك.

يبدأ محمد عودة حديثه بوصف الحياة قبل النكبة عام 1948، إذ كانت منطقة المثلث تعج بالحياة والنشاط، والحركة التجارية والحياة الاجتماعية. يقول لـ”عرب 48″ إن “الحياة كانت جميلة، الأهالي كانوا بسطاء ومتعاونين جدا، كانت الأوضاع الاقتصادية صعبة، لكن كان هناك هدوء نفس وسكينة. تلقينا التعليم في أفضل المدارس وشاركنا في أنشطة النوادي المختلفة، التي كانت تعج بالثقافة والرياضة والتربية”.

محمد عودة.. شاهد على النكبة

يتذكر المسن عودة كيف كان اليهود يعيشون إلى جانب الفلسطينيين قبل النكبة بأمان، يشاركون في الحياة اليومية دون أو يتعرّض لهم أحد.

شهود على الظلم

تتغير نبرة حديث عودة وهو ينتقل لوصف الأحداث المروعة التي شهدها وخاصة في منطقة المثلث ووسط البلاد حيث كان يتنقل. يروي عودة ما عايشه من مجازر وظلم، خاصة في قرية قاقون المجاورة، إذ كان شاهدًا على العنف الذي لحق بالقرويين هناك قبل تهجيرهم ومحو معالم القرية، من إطلاق نار وقنابل سقطت على رؤوسهم. يقول الشاهد على النكبة، “كان الجنود يلاحقون الشبان في الطرقات، يهينونهم ويعاملونهم بقسوة لا توصف، وأنا نفسي تعرضت للملاحقة أكثر من مرة إبان الحكم العسكري، لا يوجد أحد من الشبان لم يتعرض إما لاعتداء أو ملاحقة، هذه الجروح لا زالت في نفوس جميعنا”.

لقاء مع الملك عبد الله الأول

يتحدث الحاج عودة عن لقائه الذي لا يخرج من ذاكرته مع الملك عبد الله الأول، اللقاء الذي حدث في مدينة طولكرم عام 1946، قبل النكبة بعامين. يقول إنه “قابلت الملك وكان حديثه يُنبئ بالمستقبل الأسود. قال وقتها حين كنا جمع من الناس والشباب، أنا كنت قد أنهيت دراسة التمريض للتو، قال إنه ينوي تسليم المثلث الجنوبي لإسرائيل (الطيبة، الطيرة، قلنسوة، كفر قاسم، كفر برا، وجلجولية). لم أصدق ما سمعت بأذني، لكن الأيام كشفت صحة كلامه، المثلث تعرض لمجازر بشعة، ولكن جزءا كبيرا منه تم احتلاله بالاتفاق”.

وهو يقترب من نهاية حديثه، يتطرق عودة إلى الأهمية الثقافية والتاريخية لرواية قصص النكبة، لا سيما للأجيال الجديدة للحفاظ على هذه الذكرى وتخليدها. يقول عودة إنه “يجب أن نروي قصصنا لئلا ينسى العالم ما حدث، ولكي تبقى ذكرى من ضحوا وعانوا في قلوب الجميع، نحن بعد 76 عاما لا زلنا نعاني والشعور أننا تحت وطأة الاحتلال، ولسنا متساويين كمواطنين”.

في أحد الأيام المشحونة بالتوتر، وقع عودة في موقف خطير أثناء عمله في المستشفى الفرنسي بتل أبيب. يقول إنه “لم أكن أملك تصريحًا للتواجد هناك، وحين اقتحم الجنود المكان لتفتيشه، اضطررت للفرار مسرعًا لأنقذ حياتي”، يتذكر عودة، وتظهر على وجهه علامات القلق وهو يصف كيف لاحقه الجنود بينما تمكن من الإفلات منهم بأعجوبة. “هربت واختبأت في مكان لم يعرفه الجن الأزرق لمدة ثلاث ساعات، حتى هدأ الوضع قليلًا، ثم عدت إلى بلدتي قلنسوة حيث استمرت الملاحقة”.

بعد النجاة من تلك المطاردة المحفوفة بالخطر، وجد عودة نفسه مرة أخرى في قلنسوة، إذ واصلت قوات الجيش وقتها ملاحقته. ويضيف أنه “على الرغم من الخطر الدائم، كان لا بد من مواجهة الحياة بشجاعة. كان كل يوم بمثابة تحد للبقاء على قيد الحياة في وطني المحتل”. يعبّر عودة عن الصعوبات التي واجهها للحفاظ على روحه وكرامته في وجه الاضطهاد المستمر، ولكن يقول إن “سيمات الاحتلال لم تنتهِ يوما في هذه البلاد”.

لم تقتصر تجارب الشاهد على النكبة مع القهر والظلم على ما عاشه شخصيًا، بل شهد أيضًا معاملات قاسية بحق أبناء بلدته. يروي كيف كان الجنود يعاملون الشبان الفلسطينيين في منطقة المثلث، الذين يتم ضبطهم بدون تصاريح خارج أراضي القرية. يؤكد “كانوا يعلّقون الحذاء في رقبة الشاب المضبوط، ويأمروه أن يركض أمامهم للسخرية والاستهزاء، تلك كانت قمة الإذلال”.

ينهي عودة حديثه بنظرة ملامة على حكام الدول العربية، مؤكدًا على أن “الأنظمة العربية تخلّت عن فلسطين والشعب الفلسطيني في النكبة وحتى اليوم، “اليوم الوضع أسوأ بكثير مما كانت عليه الأنظمة العربية آنذاك، علها تصحو لنعيش نحن في أمان وسلام وتحرر”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *