Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

علاقة الغرب بالشرق إلى أين؟ بقلم سالم الناشي

لم تكن العلاقة بين الشرق العربي المسلم والغرب عموما علاقة إيجابية، فالشرق دائم التوجس من الغرب، ويربط معظم إخفاقاته التاريخية في التقدم والاستقرار بما يحيكه الغرب له من مؤامرات، بل حتى حروب الشرق التي خسرها مرارا وتكرارا، حروب يشتم منها رائحة العبث الغربي! ويظن الشرق العربي المسلم أنه واقع في نطاق مؤامـرة كــبرى، لا يستطيع الفكاك منها بسبب الغرب.

ولعل النماذج التي يسوقها الشرق تؤكد هذه الفرضية، وتبدأ من سعي الغرب للإطاحة بالدولة العثمانية (12991923)، ودعم «الثورة العربية الكبرى» ضد الدولة العثمانية لإنشاء «أمة عربية كبرى» بزعامة عربية بناء على «مراسلات الحسين ـ ماكماهون» (19151931)، ولكن هذا كله لم يتم بناء على الوعود المقدمة من الغرب في هذه المراسلات التاريخية، مما عده الشرق غدرا وإضعافا للعرب.

وجاءت اتفاقية «سايكس ـ بيكو» السرية في العام 1916 بين كل من فرنسا والمملكة المتحدة على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بينهما، لتعزز هذه الفكرة أيضا، وقام الغرب بطعن العرب والمسلمين في خاصرتهم، ولا يقل جرما عن الحوادث السابقة، وذلك بإعطاء اليهود حقا ـ غير مشروع ـ في إنشاء وطن لهم على أرض فلسطين العربية المسلمة فيما سمي بـ «وعد بلفور» عام 1917، مما عده الشرق خرقا جديدا لما اتفق عليه، وأثر سلبا على العلاقات بين الشرق والغرب لفترة طويلة.

ولم يكتف الغرب بهذا، بل استعمر العديد من الدول العربية وأخضعها لمصالحه، واستغل ثرواتها، بل وسعى إلى التدخل المباشر في التخطيط لانقلابات، وتعيين زعامات محسوبة عليه، وتخلى الغرب عن كل المطالب الحقة للعرب، ووقف ضدها بل سعى من خلال الحروب العربية ـ الإسرائيلية 1948 و1956 و1967و1973 إلى إضعاف العرب بطريقة غير مسوغة.

واستمرت الحال بين الشد والجذب بين الشرق والغرب لخمس سنوات، إلى أن أتت الحروب الأربعة حول الخليج العربي، الحرب الأفغانية ـ الروسية (19791989)، وكان الشرق والغرب طرفين مهمين فيها، ثم الحرب العراقية ـ الإيرانية (حرب الخليج الأولى) (19801988)، التي أنهكت الشرق، ولاسيما منطقة الخليج العربي، وحرب تحرير الكويت (حرب الخليج الثانية) (19901991)، وأخيرا حرب العراق (20032011) التي أنهت زعامة صدام للعراق.

وقد كان لهجمات 11 سبتمبر 2001 على مدينة نيويورك أثر بالغ وخطر، فقد خلقت مرحلة اتهام الشرق ـ وتحديدا الإسلام والمسلمين ـ بالتطرف والإرهاب، ودخل الشرق في حال من الدفاع عن النفس لاتزال قائمة إلى الآن، ودخلنا مرحلة «صراع الحضارات) و«الإسلاموفوبيا»! واستهدفت الدول والأقليات المسلمة مباشرة في آسيا وبعض الدول الغربية، مما حدا بالجمعية العامة للأمم المتحدة لتحديد يوم 15 مارس بوصفه اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام.

إن استمرار الغرب في كراهية الشرق ليس له ما يسوغه، والأولى هو أن يكره الشرق الغرب، بسبب ما أدخله فيه من ضعف طيلة قرن من الزمان. إن محاولة الغرب الآن فرض ثقافته الهشة على الشرق المسلم، ونشر الموبقات والتحرش بالهوية الإسلامية الأصيلة، والسعي إلى بسط النفوذ من جديد بطريقة الاستعلاء أيضا لا يمكن أن يتقبله الشرق، والأولى من كل هذا بناء علاقات قائمة على الاحترام والثقة والمصلحة المشتركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *