Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

دعشنة أو دعوّشة حماس… مقدمة لماذا؟

” تعتبر حرب المستضعفين والفقراء إرهابا، غبمت إرهاب الأقوياء والأغنياء يُعتبر حربا”…. علينا تذكر هذا القول دائما. ليست هذه المرة الأولى التي تُوصم فيه حماس كحركة “إرهابية”، بل هي مُصنفة دائما كذلك لدى إسرائيل والولايات المتحدة، وتحت طائل هذا التصنيف بالنسبة للنظام العالمي على الدوام.

غير أن وصم حماس بالإرهاب من قبل إسرائيل والولايات المتحدة المتماهية مع الأولى في حربها اليوم، لم يعد يفِ بالغرض، إنما توصف حماس على أنها “داعش” أو “داعش الثاني”، خصوصا بعد هجوم حماس الأخير (طوفان الأقصى) على مستوطنات ما يُعرف بغلاف غزة، وعدد القتلى الذي أسفر عنه الهجوم، لتشن إسرائيل بقادتها وساستها وماكينتها الإعلامية حملة لدعوشة حماس من أجل تبرير جرائم حربها القائمة على غزة وأهلها.

لقد تبنت الولايات المتحدة الأميركيو على لسان رئيسها بايدن رواية إسرائيل عن هجوم يوم السابع من أكتوبر بكاملها. ورغم أن مصدر في البيت الأبيض أكد لـ”واشنطن بوست” أنهم لم يطلعوا على أدلة لما يروج له نتنياهو عن ممارسات مقاتلي حماس من “حرق لجثث قتلى المستوطنات اليهود وقطع رؤوسهم”، إذ تبيّن زيف هذا التلفيق. إلا أن البروباغندا الإسرائيلية والأميركية عملت وما زالت على بعث حركة حماس في مخيال المجتمعات الغربية والعالم عموما، بوصفها “داعش” بنسخة فلسطينية – غزية سعت وتسعى لإبادة إسرائيل ويهودها.

تكثفت حملة إسرائيل في دعوشة حماس في هذه الأيام، غير أن أدبيات دعوشة حماس تعود إلى ما قبل ذلك منذ أن ولد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) سنة 2014، حيث داومت هذه الأدبيات على مدار ما يقارب عقدٍ من الزمن، عبر جُملة من التقارير والدراسات الصهيونية، على تقصي وخلق “أوجه شبه وروابط” تجمع ما بين حركة حماس وتنظيم داعش. علما بأن خبراء الدولة العبرية وباحثوها الصهاينة وإعلامها يفهمون حق الفهم التاريخي شكل تكوين حماس، بوصفها حركة أصيلة أنجبها المجتمع الفلسطيني في سياق ولادة وتمدد الإسلام السياسي في المنطقة العربية منذ سبعينيات القرن الماضي. ومن هنا حديث بعض الإسرائيليين في ظل الحرب العدوانية القائمة على غزة عن ضرورة العودة إلى ما قبل عام 1987، أي عام ولادة ونشأة حركة حماس.

وبالتالي، القضاء على وجود الحركة هو غرض هذه الحرب الأساسي.، ما يعني، سعي حملة إسرائيل التعبوية بما أوتيت من تلفيق وافتراء لدعوشة حماس كمقدمة لتحويل غزة إلى موصل ثانية.

تسعى إسرائيل عبر ماكينتها الدبلوماسية والإعلامية تعبئة وتجنيد العالم الغربي للوقوف في صفها في حربها المسعورة على غزة، على طريقة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل سنة 2014 من أجل القضاء على “داعش”، حيث مسح ذلك التحالف من الجو، وقد ضم بعض القوى المحسوبة على ما يُعرف بـ”محور الممانعة”، في أكثر من حملة عسكرية على مدار السنوات الماضية مُدنا عراقية عن بكرة أبيها، منها مدينة الموصل العراقية التي جاء التحالف ومعه ميلشيات عراقية، عليها وعلى أهلها بالنار والدخان.

لم تكن الولايات المتحدة وتحالفها الدولي والمحلي يقتصون من بعض المدن العراقية لأن تنظيم “داعش” قد تحصن فيها، بقدر ما كان عقابا لها بوصفها حواضن اجتماعية وسياسية رافضة للغزو الأميركي ونظام حكم العراق ما بعد الغزو. وعلى المسطرة ذاتها، تشتغل اليوم إسرائيل في حربها على غزة، إذ تقتص من أهلها لأنهم الحاضنة لمشروع رفض الاحتلال وحصاره تحت قيادة حركة حماس وباقي فصائل المقاومة في غزة. مع تشديدنا على أوجه الفرق ما بين الحالتين، حماس وتنظيم الدولة (داعش)، حيث لا مقارنة ممكنة بينهما إلا بغرض النيّل من الأولى بوصمها بالثانية.

افتراءات عبر ادعاءات “حرق جثث، وقطع رؤوس” للمستوطنين القتلى في مستوطنات غلاف غزة، وإن كان قتل المستوطنين غير المجندين قد وقع فعلا وكبيرا خلال الهجوم. وكذلك تشديد الولايات المتحدة الأمريكية في حديثها على لسان قادتها وساستها عن قتلى ورهائن أميركيين ومن جنسيات أجنبية أخرى من بين الرهائن المقتادين إلى غزة على أثر الهجوم، ليس إلا محاولة حثيثة من قبل الأميركيين ومن قبلهم إسرائيل لتصميم صورة عن حماس وغزة إسوةً بتلك الصورة التي جرى تصميها من قبل عن الحركات الجهادية في العراق وأفغانستان بغرض تبرير حربهم وتعبئة الرأي العام العالمي لصالحها.

يستغل الاحتلال هجوم “طوفان الأقصى” على المستوطنات في خِناق غزة وليس غِلافها كما تسميه إسرائيل. وذلك من أجل جرد حسابها كاملا مع غزة، ومرة واحدة وللأبد هذه المرة كما يزعم الإسرائيليون. وهذا يتطلب أولا وآخرا بالنسبة لإسرائيل، نزع هجوم يوم السبت الماضي من سياقه المتصل بسردية سؤال حصار غزة القائم منذ نحو عقدين من الزمن؛ وأيضا، فصل حماس كحركة عن بنية تشكيلها سياسيا واجتماعيا إلى حيث دعوشتها ثم القضاء عليها دون الاكتراث لتركيم غزة عن بِكرة أبيها، لطالما دعوشة حماس كفيلٌ بتجنيد دعم الرأي العام العالمي أو تحييده على الأقل.

كما لا يفوت الإسرائيليون في ظل ردهم وشنهم حربهم على “طوفان الأقصى” استحضارهم لسردية المحرقة. إذ يكاد لا يخلو أي خطاب صهيوني رسمي، دبلوماسي أو إعلامي هذه الأيام، من التذكير والتأكيد على أن هجوم “طوفان الأقصى” سابقة تاريخية بحقهم منذ سنة 1945 أي عام خلاصهم من الحرب والمحرقة البشعة التي ارتكبها النازيون بحق يهود ألمانيا وأوروبا عموما.

كل هذه البروباغندا، ليست إلا مقدمة تحاول إسرائيل عبرها تبرير ما فعلته وستفعله ماكينتهم الحربية الوحشية بلحم وعظم أبناء وبنات غزة خلال الأيام المقبلة.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *