Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

مؤشر علميّ لقدرة جسم الإنسان على تحمّل الحرارة

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، إذ كان تمّوز/يوليو 2023 أكثر الأشهر حرًّا على الإطلاق على وجه الأرض، يحذّر العلماء من أنّ وتيرة “المصباح الرطب” ستتضاعف

فيما يمكن لجسم الإنسان أن يتحمّل قدرًا محدّدًا من الحرّ والرطوبة، تنذر الاختلالات المناخيّة المتسارعة بتنامي ظاهرة مرتبطة بتضافر عوامل الحرّ والرطوبة تعرف بـ”حرارة المصباح الرطب” وقد تكون فتّاكة للبشر.

أبعد من معدّلات الحرارة المطلقة الّتي تحقّق مستويات قياسيّة بانتظام، يتمّ تقويم قدرة مقاومة الجسم وفقًا لمفهوم “درجة الحرارة الرطبة” أو “المصباح الرطب”.

حتّى الشخص الشابّ الّذي يتمتّع بصحّة جيّدة معرّض لخطر الموت بعد ستّ ساعات عند مستوى 35 درجة في مؤشّر “درجة حرارة البصيلة الرطبة الكرويّة” (“Wet Bulb Globe Temperature”, TW) الّذي يأخذ في الاعتبار الحرارة والرطوبة، بحسب بحوث علميّة.

عند هذا المستوى، تمنع الرطوبة الموجودة في الهواء الساخن تبخّر العرق، أداة الجسم الرئيسيّة لخفض درجة حرارته، ما قد يؤدّي إلى ضربة شمس، أو فشل أعضاء أو حتّى الموت.

وقال الباحث في وكالة “ناسا” كولن رايمند لوكالة فرانس برس إنّ العالم شهد مستوى 35 درجة في مؤشّر “البصيلة الرطبة” عشرات المرّات حتّى الآن، لا سيّما في جنوب آسيا ومنطقة الخليج في غرب آسيا.

ولم تتجاوز مدّة كلّ من هذه الحلقات حتّى الآن ساعتين، ولم يربط أيّ “حدث وفيات جماعيّ” بها، بحسب هذا الخبير، وهو المعدّ الرئيسيّ لدراسة نشرت في العام 2020.

لكن مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، إذ كان تمّوز/يوليو 2023 أكثر الأشهر حرًّا على الإطلاق على وجه الأرض، يحذّر العلماء من أنّ وتيرة “المصباح الرطب” ستتضاعف.

وازداد تواتر مستويات الحرارة الرطبة العليا بأكثر من الضعف في كلّ أنحاء العالم منذ العام 1979، والحرارة “ستتجاوز بانتظام 35 درجة مئويّة” في أجزاء مختلفة من العالم إذا وصل الاحترار المناخيّ في العالم إلى درجتين مئويّتين ونصف درجة، بحسب دراسة كولن رايمند.

ويعتبر جنوب آسيا وجنوب شرقها، ومنطقة الخليج وخليج المكسيك وأجزاء من القارّة الإفريقيّة أكثر المناطق تعرّضًا لهذا الخطر.

ويحتسب تأثير “المصباح الرطب” بشكل أساسيّ حاليًّا من خلال بيانات للحرارة والرطوبة، ويقاس مبدئيًّا عن طريق وضع قطعة قماش مبلّلة فوق مقياس حرارة وتعريضها للهواء.

وقد أتاح ذلك قياس معدّل تبخّر الماء من القماش، بما يشبه تعرّق الجلد. ويبلغ الحدّ النظريّ لبقاء الإنسان على قيد الحياة عند 35 درجة في حالات “البصيلة الرطبة”، 35 درجة مئويّة مع رطوبة بنسبة 100 %، أو 46 درجة مئويّة مع رطوبة بنسبة 50 %.

ولاختبار هذا الحدّ، عمد باحثون في جامعة بنسلفانيا في الولايات المتّحدة إلى تقويم درجات حرارة أشخاص أصحّاء في سنّ الشباب في غرفة حراريّة.

وقد وصل المشاركون إلى “الحدّ البيئيّ الحرج”، أي عندما يكون الجسم غير قادر على منع درجة الحرارة الداخليّة من الاستمرار في الصعود، عند 30,6 درجة في مؤشّر “البصيلة الرطبة”.

وقال الباحث المشارك في الدراسة دانيال فيسيليو لوكالة فرانس برس إنّ الأمر سيستغرق ما بين خمس وسبع ساعات قبل أن تصل هذه الظروف إلى “درجات حرارة خطيرة حقًّا”.

وأشار جوي مونتيرو، الباحث المقيم في الهند والّذي نشر أخيرًا دراسة في مجلّة “نيتشر” العلميّة عن “البصيلة الرطبة” في جنوب آسيا، إلى أنّ معظم موجات الحرّ القاتلة في المنطقة حتّى الآن كانت أقلّ بكثير من عتبة 35 درجة.

لكنّه قال إنّ حدود التحمّل تختلف اختلافًا كبيرًا من شخص إلى آخر. فالأطفال الصغار أقلّ قدرة على تنظيم درجة حرارة أجسامهم وبالتّالي يكونون أكثر عرضة للخطر.

مع ذلك، يبقى المسنّون الأكثر ضعفًا، مع وجود عدد أقلّ من الغدد العرقيّة، وبالتّالي يكونون من أوّل ضحايا موجات الحرّ.

كما أنّ الأشخاص الّذين يتعيّن عليهم العمل في الهواء الطلق هم أيضًا أكثر عرضة لخطر الإصابة.

وتؤدّي إمكانيّة تبريد الجسم أحيانًا، على سبيل المثال في المساحات المكيّفة، دورًا أيضًا. ناهيك بالوصول إلى المراحيض، لأنّ الأشخاص المحرومين منها غالبًا ما يشربون كمّيّات أقلّ من الماء ويصبحون أكثر عرضة للجفاف.

وتظهر أبحاث كولن رايمند أيضًا أنّ ظاهرة إل نينيو المناخيّة زادت من تأثير “البصيلة الرطبة” في الماضي. ومع عودة هذه الظاهرة أخيرًا، ستظهر هذه النوبة الدوريّة الخطيرة للأرصاد الجوّيّة آثارها الكاملة بحدود نهاية هذا العام وستستمرّ في العام التالي.

ويقول الباحث إنّ المستويات العليا من مؤشّر “البصيلة الرطبة” مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بدرجة حرارة سطح المحيط. وقد حطّمت المحيطات رقمًا قياسيًّا جديدًا لدرجات الحرارة العالميّة الأسبوع الماضي، متجاوزة المستوى القياسيّ السابق المسجّل عام 2016، بحسب مرصد المناخ الأوروبّيّ “كوبرنيكوس”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *