Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

ما فرص الدخول البرّيّ إلى غزّة؟

الجولة الجديدة من الصراع الّتي نشهدها هذه الأيّام خطيرة جدًّا، وهي تحظى بدعم أميركيّ بريطانيّ أوروبّيّ، ولكنّها في الوقت ذاته قد تكون نافذة على فتحة أمل، إذ أنّها شكّلت صدمة إقليميّة، وأعادت القضيّة إلى صدارة الاهتمام العربيّ وحتّى العالميّ، وخصوصًا مع بدء الحديث عن طرد الفلسطينيّين إلى سيناء.

تعتقد الحكومة الحاليّة برئاسة بيبي نتنياهو أنّه من الممكن تكرار ما حدث عام النكبة الأولى وأنّ الفرصة قد لاحت.

إلّا أنّه لا توجد دولة عربيّة تقبل استقبال مئات آلاف اللاجئين، لأنّها بهذا تسهم في نكبة الفلسطينيّين، وموقف مصر في إغلاق الحدود ومنع دخول نازحين هو موقف صحيح، ولكن يجب تطويره من خلال قيادة عمل عربيّ ودوليّ، والوقوف بحزم أمام جرائم الحرب الّتي ترتكبها إسرائيل وفضحها وإدانتها بقوّة، ولدى مصر والدول العربيّة أوراق كثيرة ضاغطة ممكن استخدامها إذا صدّقت النوايا في وقف العدوان.

استغلّت الحكومة الفاشيّة في إسرائيل بعض المشاهد الّتي عابت العمليّة العسكريّة، وشوّشت على نجاحها، وهي أسر أطفال ومسنّين وقتل مدنيّين غير مسلّحين ومقتل عدد من الأطفال، فبثّت أكاذيب تبنّتها أميركا والغرب، مثل بقر بطون حوامل واغتصاب نساء وقطع رؤوس أطفال، في محاولة لدعشنة حماس، وتشبيه ما حصل بأحداث 11 سبتمبر 2001، وقد صدق الرواية حتّى بعض العرب الّذين أعادوا الكذبة، وصدّقها الشعب في إسرائيل الّذي صدم من هول ما حدث، فاستغلّت بغطاء دوليّ لارتكاب أبشع المجازر ضدّ المدنيّين، الّتي فاقت مجازر نكبة عام 1948، فقد قتل خلال أيّام ما يقارب الألف طفل فلسطينيّ، ومئات النساء وآلاف المدنيّين بين قتيل وجريح، وإلقاء قنابل أكثر ممّا ألقته أميركا على أفغانستان خلال عام، وتدمير عشرات آلاف المنازل ومنع الماء والكهرباء والوقود وكلّها جرائم حرب.

بدأت الحقائق تتكشّف، أوّلًا لدى الشعوب العربيّة الّتي بدأت تتململ وتتظاهر ضدّ الحرب على غزّة، وتدعو لإنقاذ المدنيّين، ثمّ في أوروبا وأميركا وفي إسرائيل نفسها، وإن كانت هذه الأصوات ما زالت ضعيفة، ولكنّها سوف تتصاعد في العالم، وفي إسرائيل بقيادة أهالي الأسرى القلقين على أبنائهم.

لا أظنّ أنّ حالة الطقس هي الّتي تعرقل الدخول البرّيّ إلى قطاع غزّة، بل على الأرجح هو الأخذ بعين الاعتبار وضوح جدّيّة تهديد حزب اللّه بأنّه لن يبقى متفرّجًا، وخصوصًا أنّه حصل على الضوء الأخضر من إيران للتدخّل في حالة الدخول البرّيّ، وهذا واضح من التسخين اليوميّ المتصاعد على الجبهة الشماليّة.

التدخّل من قبل حزب اللّه سوف يلقى ترحيبًا عربيًّا شعبيًّا وإسلاميًّا، وستخرج ملايين في المدن العربيّة مؤيّدة، وسيعيد حزب اللّه إلى الواجهة كمحبوب الجماهير العربيّة كما حدث عام 2006، وهذا ما لا يريده حلفاء أميركا والمطبّعين في المنطقة بعدما تراجعت شعبيّته في السنوات الأخيرة بعد تورّطه في الحرب السوريّة الداخليّة.

في هذه الحالة فإنّ الطيران الأميركيّ لن يجدي كثيرًا، لأنّ شمال إسرائيل سيتحوّل إلى منطقة مشتعلة وميدان للحرب والقصف لمدّة قد تطول لأشهر، وهذا سيرغم عشرات آلاف الجنود على الخروج من قطاع غزّة، وسيرفع كثيرًا من معنويّات مقاومة غزّة، كذلك عدم وجود حكومة وحدة وطنيّة شاملة تتحمّل المسؤوليّة، وهناك أصوات قويّة وجريئة ترفض أن يأخذ نتنياهو الشعب إلى حرب شاملة غير مستعدّين ومخطّطين لها بصورة كافية، وترى أنّه يحاول التهرّب من المسؤوليّة عن الضربة الموجعة حتّى على المدى الاستراتيجيّ وذلك من خلال الاندفاع إلى الأمام نحو الحرب الشاملة. كذلك يبدو أنّ الجنرال بيني جانتس الّذي دخل حكومة الطوارئ، لن يكون متحمّسًا إلى الحرب على جبهتين، وبصفته مرشّحًا بديلًا لرئاسة الحكومة القادمة بعد إسقاط نتنياهو ومحاسبته، لا بدّ أن يأخذ بعين الاعتبار ماذا بعد حماس في غزّة! وهناك حسابات أخرى يأخذها بعين الاعتبار، الخسائر الكبيرة المتوقّعة على جبهتين، والوضع الداخليّ في الدول العربيّة الّذي سيتأثّر كثيرًا، خصوصًا في مصر والأردنّ ودول تسعى للتطبيع.

هناك من يدرك أنّ الدخول البرّيّ سيتحوّل إلى مجزرة مضاعفة مرّات ومرّات عن ما سبق من إراقة للدماء للطرفين وعلى جبهتين، دون أن يكلّف إيران شيئًا، لأنّها لن تتدخّل مباشرة، ولن تكون ذريعة لأميركا أو غيرها في ضربها.

لهذا فإنّ استراتيجيّة الدخول البرّيّ قد تتوقّف أو تلغى أو تؤجّل إلى فترة طويلة، ويستعاض عنها بطرق أخرى تحتاج إلى نفس طويل، مثل محاصرة المقاومة وقضم الأرض ببطء بعد حرثها بأسلحة أميركيّة خارقة للأنفاق والتحصينات، وبأقلّ ما يمكن من خسائر في صفوف الجيش، وكلّما تأخّر الهجوم البرّيّ يومًا فإنّ احتمال الامتناع عنه يصبح أكثر.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *