Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

(وإن عدتم عدنا ) بقلم د يعقوب يوسف الغنيم

  • لا انقطاع للإنذار الإلهي لليهود فهو يلاحقهم إلى يوم القيامة ويتوعدهم بحروب تدمرهم كلما عادوا إلى الضلال والفساد
  • إبراهيم الشطي يؤكد أن ما نراه في نسل اليهود اليوم من وحشية وشذوذ وسوء معاملة هو سير على نهج آبائهم وأجدادهم
  • أوسكار ليفي له مقالة تصدرت كتاب «قصة الحضارة» يقول فيها: «نحن اليهود لسنا شيئاً إلا مفسدي العالم ومدمريه ومحركي الفتن
  • اهتمام العالم الغربي باليهود والدعم القوي لهم مرده أن سكانه يريدون الخلاص منهم بعد أن شاهدوا منهم ما يكرهون

بقلم:د.يعقوب يوسف الغنيم

اهتزت الكويت بسبب ما حدث لغزة، وحري بها أن تهتز، وأن ينشغل بال أبنائها بذلك، فيسعى بعضهم إلى التنديد بالعدوان الإسرائيلي وما تقوم به إسرائيل من أفاعيل وحشية ضد النساء والأطفال، فيسعى إلى هدم المباني بمن فيها، ويقتحم المستشفيات حارما المرضى من فرصة الشفاء.

ويقوم البعض الآخر بجمع التبرعات المالية والعينية لها، إضافة إلى ما تقوم به هيئة الهلال الأحمر الكويتي من أعمال، منها تقديم العون بكل أنواعه، والتعاون مع الجهات المختصة هناك في محاولة للإسهام في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، إضافة إلى ما قدمته الحكومة من دعم وأرسلته من إمدادات.

ولم تكن هذه هي أول مرة يشعر فيها أهل الكويت بهذا الشعور، فقد كان اهتمامهم بما يحدث لفلسطين قديما يبدأ منذ ابتداء اليهود في العدوان.

وحفظت لنا مجلة الفتح التي كانت تصدر في مصر جانبا مما كان يقوم به أهلنا في ذلك الوقت، فقد جاء العدد الصادر منها في سنة 1927م ذاكرا احتجاج أهل الكويت على قرار اللجنة الملكية تقسيم فلسطين.

وقد تضمن رسالة من المرحوم سليمان العدساني بصفته ممثلا للجنة العامة للشعب الكويتي، برقية إلى البرلمان الإنجليزي ومثلها إلى وزارة المستعمرات، وأخرى إلى سكرتارية عصبة الأمم في جنيف. تقول الرسالة:

إلى حضرة الأستاذ الفاضل صاحب الفتح الأغر

إن قرار اللجنة الملكية البريطانية في تقسيم فلسطين كان له أسوأ وقع في نفوس الكويتيين، فأجمعوا أمرهم على إرسال برقيات الاحتجاج إلى البرلمان الإنجليزي ووزارة المستعمرات بلندن وإلى عصبة الأمم في جنيف، وفي الحال تكونت لجنة عامة للشعب الكويتي أرسلت مندوبا منها، وهو كاتب هذه السطور، إلى صاحب السمو الأمير أحمد الجابر يعرض عليه الكيفية ويطلب منه الموافقة على أن يرسلوا برقيات الاحتجاج باسم الأمة الكويتية، فوافقهم سموه على ذلك وشجعهم بقوله «اعملوا من جهتكم لفلسطين وسأعمل بدوري ما أستطيعه»، وقد علمنا أنه أرسل برقية إلى جلالة الملك ابن سعود يرجوه أن يقوم لنصرة فلسطين بما ينتظر منه كملك عربي مسلم، كما أنه أرسل إلى جلالة ملك العراق بهذا المعنى، وأن اللجنة العامة للشعب الكويتي «المكونة من هؤلاء الذوات: يوسف بن عيسى، أحمد الحميضي، خليفة بن شاهين، محمد الثنيان، سليمان العدساني، مشعان الخضير، سيد علي السيد سليمان، عبدالله الصقر، خالد الزيد، محمد الغانم، عبدالمحسن الخرافي، وعبدالرحمن بن بحر»، أرسلت ثلاث برقيات احتجاج باسم الأمة الكويتية تجدون صورها فيما يلي، والسلام عليكم ورحمة الله.

سليمان العدساني الكويت 2 جمادى الأولى سنة 1356

وجرى بعد ذلك ما جرى، ولايزال الصراع العربي الإسرائيلي مستمرا ولايزال العنف اليهودي النابع من نفوس

لا ترى أحدا يستحق الحياة في هذه الدنيا غيرها، فهي كما تزعم: شعب الله المختار.

 

هكذا قال رب العالمين لبني إسرائيل في سورة الإسراء التي كانت بدايتها عنهم وعن أعمالهم السيئة، ومصيرهم الأسوأ، فتوعدهم بحروب تدمرهم من بعد تلك الحرب التي شنها عليهم ملك بابل (بختنصر)، وما كادت آثار تلك الحرب تنتهي حتى عادوا إلى ما كانوا عليه من الضلال والفساد، فتوعدهم الله سبحانه وتعالى بقوله: (وإن عدتم عدنا).

ولا انقطاع لهذا الإنذار، فهو مستمر المفعول، والدليل على ذلك قوله عز وجل في نهاية هذه الآية: (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا).

إذن فإن الإنذار يلاحقهم إلى يوم القيامة، حيث يحصرون في جهنم.

والذي يقرأ بداية سورة الإسراء في القرآن الكريم يستطيع أن يُلمّ بما يدل على عقلية هؤلاء الناس، وعلى عدم تقيدهم بحسن التعامل مع بقية الخلق، وكأنهم يقولون: نحن الأعلى، حتى زاد طغيانهم فأطلقوا على أنفسهم لقب: شعب الله المختار، وادعوا أنهم أولى بأرض فلسطين، وسموها أرض الميعاد، فصار كل همهم هو الاستيلاء على هذا الوطن العربي تدعمهم تلك القوة الاستعمارية التي كانت تضع يدها على فلسطين وغيرها من بلاد العرب في الفترة التي ظهرت فيها الدعوة اليهودية إلى احتلال هذه الأرض المقدسة وإقامة دولة إسرائيل على ترابها.

ولقد استخدم الإسرائيليون كل ما كان يمكنه أن يحقق حلمهم بغض النظر عن حقائق التاريخ والأخلاق واحترام حق الشعب الفلسطيني في وطنه.

وهذه بداية تحتاج إلى مزيد من الإيضاح، وهو ما أحاول تقديمه في السطور التالية:

1 لم يبرر اليهود كيف تم اختيارهم من بين الشعوب التي خلقها الله سبحانه وتعالى، فميزهم عن سواهم، مع أنهم كبقية خلق الله: فيهم الصالح وفيهم الطالح، وكان هذا في زمن الأنبياء والرسل عليهم السلام، وأما الآن فلا نجد فيهم صلاحا، وهذا واضح في تصرفاتهم التي أجمع عليها كل المقيمين في الأرض المحتلة.

ونحن نعلم أن الاختيار الوارد في القرآن الكريم كان واقعا على سيدنا موسى عليه السلام، لقول الله عز وجل في سورة طه ضمن الآية رقم 39، ونصها: (وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني). وكذلك في الآية رقم 41، من السورة ذاتها: (واصطنعتك لنفسي).

فلقد حببه الله عند خلقه حتى لقد عاش في كنف عدوه فرعون دون أن يعرف هذا عنه أو عن أهله شيئا بسبب المحبة التي أودعها الله في قلب كل من يرى ذلك الوليد المقدر له أن يكون نبيا مرسلا. ولقد كان سيدنا موسى تحت الرعاية الإلهية طوال تلك الفترة إلى آخر حياته، وهي التي أنقذته في كثير من المواقف التي مر بها.

وهذا هو ما صنعه الخالق الكريم حتى يستطيع هذا النبي الكريم بذلك أن يتخطى الأخطار التي كانت تحدق به وبقومه. وبذلك فسر المفسرون هذه الآية.

2 أعلم الله سبحانه وتعالى بني إسرائيل بأنهم سيفسدون في الأرض مرتين (سورة الإسراء، الآية رقم 7) وقد حدثت المرة الأولى فعاقبهم الباري عز وجل بقوم من عباده، وأنذرهم برد الكرة عليهم بعد أن عادوا إلى فسادهم على الرغم من إمداده عز وجل لهم بالأموال والأولاد والعدة الحربية.

وعندما عصوا ولم يحسنوا لأنفسهم، وعادوا لما نهوا عنه من إفساد في الأرض، وعدوان على الناس، جاء الوعد من الخالق لهم هذه المرة، في قوله تعالى: (فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا).

3 لم يعد اليهود جنسا واحدا كما كانوا في أيام الأنبياء، فقد اختلطت بهم أجناس أخرى متعددة، منتشرة في كل مكان، وهذا أمر معروف وظاهر لكل ذي عينين، وللدلالة عليه فإننا نذكر أولئك الذين يعيشون في الاتحاد السوفييتي السابق، ولاتزال مجموعة كبيرة منهم تعيش في الجمهوريات المنفصلة عنه، إضافة إلى (الفلاشا) الذين وجدوهم في إثيوبيا. كما أن أمثال من ذكرناهم ينتشرون في كل بقاع الأرض.

4 كان اليهود شذاذ آفاق، منذ التيه الأول الذي أوقعهم به الله سبحانه في عهد سيدنا موسى عليه السلام، وهو التيه المذكور في القرآن الكريم (سورة المائدة الآية رقم 26): (قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين).

ولاتزال آثار التيه فيهم منذ ذلك الوقت، وقد مروا بأماكن كثيرة في الأراضي التي هي اليوم ديار الإسلام، فهل هذا التيه يكون شافعا لهم لكي يستولوا على أراضي الغير التي مروا بها تائهين؟!.

5 ليس اهتمام العالم الغربي باليهود اهتماما تدعو إليه دوافع إنسانية كما يدعون، ولكن هذا الاهتمام والدعم القوي لهم من أجل أن سكان ذلك العالم يريدون الخلاص منهم بعد أن شاهدوا منهم ما يكرهون، ولذا فقد أحبوا إبعادهم، فكانت مسألة احتلالهم لفلسطين باب الخلاص منهم.

***

بدأت الحركة الصهيونية، ثم استمرت باتهام كل من يخالفها بأنه عدو للسامية، وهي من أشد الأعداء للسامية لأنها أضرت بالعرب، ونهبت أرضهم، واحتلت بلادهم، وهم ساميون، وهذا معناه أن هذه الحركة تستغل السامية لنفسها وتستبعد الساميين الآخرين.

ولعل من أهم ما يلفت النظر إلى الوضع الصهيوني الشاذ أن عددا من كبار المؤرخين والفلاسفة الغربيين تحدثوا عن اليهود حديثا يوجه الأنظار إلى مخازيهم ومساوئهم. ولكن الغرب لايزال يعيش في عصر الحروب الصليبية، فيدعم إسرائيل لا حبا لهم، ولكن ثأرا لما حدث له في بلاد العرب في تلك الحروب الصليبية، واتقاء لشرورهم في أراضيه، إضافة إلى ما سبق ذكره.

وعلى سبيل المثال فإننا نشير إلى الكتاب الذي صدر مترجما إلى اللغة العربية عن الفرنسية في سنة 1968م تحت عنوان: «ضد إسرائيل» ألفه بيار ديمرون، وترجمته السيدة علياء الصلح. والكتاب كما جاء على غلافه الأخير «وثيقة إدانة لوجود إسرائيل وعدوانها، كشفت عن تناقضات مؤيدي إسرائيل وتهافتهم».

ومما نريد إيراده هنا هذه الفقرة التي أثبتها الكتاب عن مقال نشر في جريدة الأوريان الفرنسية في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر لسنة 1967م وفيه يقول كاتبه عمانويل ليفن: «المسيح هو لاجئ فلسطيني… وأنا اليهودي أدرك هذا وأراه، فلماذا يتعامى هذا العدد الهائل من المسيحيين؟ لماذا تشيعوا للأوسع ثراء والأقوى والأقدر، للذين دفعوا إلى الموت من اعتبره أنا اليهودي عالما من علماء الشريعة الموسوية مسكينا مثلي، يضيق به صدر البورجوازية، وتعتبرونه انتم النصارى المسيح المخلص؟ ترى من قتل المسيح؟ سيعرف القاتل عما قريب إذا لم يكن قد عرف عبر أحداث فلسطين».

ألا يكفي ذلك؟

***

وفي نقلة أخرى من حديثنا هذا نذكر أن الأستاذ إبراهيم محمد الشطي كتب عن اليهود أربع مقالات نشرت في مجلة البعثة التي كان يصدرها بيت الكويت في القاهرة، وكان هذا النشر في سنة 1952م، وأول مقال منها جاء بعنوان: «أرض الميعاد»، وهذه العبارة هي أصل الادعاء الذي ادعاه اليهود من أجل الاستيلاء على أرض فلسطين العربية، وذلك لأنهم قالوا إنهم وعدوا من قبل أنبيائهم بهذه الأرض. وإنهم كانوا قد سكنوها إلى أن تم إخراجهم منها.

فجاء الأستاذ الشطي لكي يقول:

«إن فلسطين ليست بأرض يهودية، بل كانت تسمى أرض كنعان، وكان الكنعانيون قوما من العرب». ثم أضاف: «ولقد استقر هؤلاء الكنعانيون في فلسطين، وعمروها وأسسوا فيها بعض المدن».

ثم نقل عن الفيلسوف الاجتماعي الشهير غوستاف لوبون قوله: «وظل بنو إسرائيل قوما من الزراع والرعاة، حتى بعد صلتهم الطويلة بالحضارة».

ثم قال: «وبقي بنو إسرائيل حتى في عهد ملوكهم أفاقين، مفاجئين، مغيرين، مندفعين في الخصام الوحشي».

وهذا ما نراه في نسلهم اليوم من وحشية، وشذوذ، وسوء معاملة لكل من لا يرضخ لهم، أو يكون من ملتهم.

أما المقال الثاني فكان عنوانه: «أصل اليهود»، ذكر فيه منبعهم فأشار إلى أنهم ساميون، ولكنهم من حيث العادات والنظم لم يكونوا كباقي الشعوب السامية، فهم الشعبة الفاسدة من هذه الشعوب.

ونقل هنا عبارة مهمة عن غوستاف لوبون أيضا منها قوله: «.. عندي أن كل أمة تكون عرضة لمثل ما أصاب اليهود، ولا تعرف عملا لها غير التجارة والربا، وتحتقر في كل مكان، وتنتقل إليها الغرائز المنحطة بالوراثة المتتابعة لمدة عشرين قرنا فتتأصل فيها، تصير كما صار إليه اليهود لا محالة».

وكان مقال الأستاذ الشطي الثالث عن آلهة اليهود الذين كما ذكر ديورانت صاحب كتاب قصة الحضارة لم يستطيعوا أن ينسوها حتى وسيدنا موسى بينهم «وهذا صحيح». ألم يقولوا له: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة)؟ ألم يعبدوا العجل لمجرد أن نبيهم غاب عنهم لكي يناجي ربه؟!

وتكفينا من هذا المقال عبارة صدر بها الكاتب مقاله، وهي للدكتور أوسكار ليفي، وفيها يقول عن قومه: «نحن اليهود لسنا شيئا إلا مفسدي العالم، ومدمريه، ومحركي الفتن».

وفي المقال الرابع وهو الأخير كان حديثه عن التوراة، ونحن نعرف أن التوراة التي بأيديهم محرفة لأن الله سبحانه وتعالى قال عنهم إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه.

فقد ألزمهم كاهن من كبار كهانهم بنظام قيدهم به، بل وجعلهم يقسمون على الالتزام به وشرح لهم شريعة وصفها أحد العلماء بأنها كانت: «أضيق رداء شد على جسم الإنسانية».

ثم استكمل الأستاذ الشطي هذا المقال ببيان عن الكتاب الديني لليهود، وهو التوراة، فتحدث عنه حديثا شاملا مفصلا مذكورا بحذافيره في كتابي: «إبراهيم محمد الشطي، حياته وكتاباته».

***

وبعد هذا، يحق لنا أن نتساءل عن الحالة التي كانت فلسطين عليها عندما افتتحها المسلمون بقيادة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

هل كان كل سكانها من اليهود؟

وهل كانت تحكم بحكومة منهم، تمثلهم؟

واقع الأمر أننا نستطيع أن نؤكد أن الإجابة عن هذين السؤالين واحدة، وهي النفي البات.

فلم تكن مسكونة بهم، وإن وجدت فيها أقلية يهودية لها حكم الأقليات التي نراها في بقية الدول إلى يومنا هذا، فهل تحسب الأقلية مالكة للبلاد بأسرها؟

***

كان فتح القدس من أهم الفتوحات الإسلامية، وهي مفتاح فلسطين، وأرض المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وأسرى إليه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم.

وبلغت أهمية فتحها أن تم ذلك على يد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلحا بلا حرب، وقد كتب لأهلها وثيقة مهمة أمنهم فيها على أنفسهم، ومعابدهم، واشترط عليهم ألا يكون معهم أحد من اليهود لأن هذه الوثيقة لا تخص هؤلاء الذين ليس لهم موقع هناك، فالمواجهة كانت بين المسلمين ومن هم هناك من النصارى.

كما اشترط عليهم أن يعطوا الجزية بعد حصادهم لزروعهم، مع السماح لمن يريد أن يلتحق بالروم منهم بذلك، وأن يعود إليهم من كان منهم خارجا فيلتحق بأهله، وكانت الجزية في مقابل حمايتهم، وعدم إلزامهم بأي تكاليف يتحملها المسلمون كالزكاة والجهاد مثلا.

ولأول مرة في التاريخ يشهد رئيس دولة منتصرة على نفسه، فقد أشهد على هذا الوثيقة عددا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وعبدالرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. وهذا أمر يدل على السلوك الإسلامي المتعلق بمثل هذه الحالات وقد سارت عليه الحكومات الإسلامية إلى أن تغيرت الظروف، وانهار ذلك البناء الشامخ الذي بناه الدين القيم.

***

افتتح المسلمون القدس وكانت فيها قلة من اليهود سرعان ما رحلت عنها بعد هذا الاتفاق، ويبدو أنها كانت تحكم من قبل الرومان، بدليل أن بعض أهلها نزح إلى الديار التي تحكم من قبل هؤلاء الرومان، ونحن نقول يبدو لأن هذه الدولة على ما كان لها من قدرة حربية كبيرة لم تتحرك لنجدة القدس، والدفاع عن أهلها.

بدأ المسلمون بتطهير المنطقة من الأقذار التي كانت توضع على الأماكن التي كان يسكنها اليهود، وتطهير كل ما حول بيت المقدس منها، وقد بدأ ذلك بتنظيف قبة الصخرة وما حولها.

ولم يكن اليهود يحكمون هذه الأرض قبل الرومان، بل إن بعض مدن فلسطين لم تنشأ إلا بعد الفتح الإسلامي، وكان العرب أقرب الناس إلى فلسطين وفيها تجارتهم، وفيها وفيما حولها دولة الغساسنة العربية المعروفة في التاريخ العربي. ولم يكن لليهود وجود عام في تلك الفترة. ولم يتمكنوا مؤخرا من وطء هذه الأرض إلا بمعرفة المستعمرين الأوروبيين.

وكانت الحكومات العربية السابقة على العهد الاستعماري، وكذلك الدولة العثمانية التي ورثت الدولة الإسلامية تتمسك بما نصت عليه الوثيقة العمرية التي ذكرناها، وعرفنا أنها كانت تستبعد اليهود لأن نواياهم كانت معروفة، وتخريبهم غير مأمون، ولم يكن لهم التزام بأي عهد يؤخذ عليهم.

ونحن عندما ننظر إلى المدن الفلسطينية فإننا نذكر منها على سبيل المثال عسقلان التي ذكرها صاحب كتاب معجم البلدان: ياقوت الحموي في كتابه هذا، وقال: إنها منزل جماعة من الصحابة والتابعين ورواة الحديث، وخلق كثير من المسلمين، وانها تعرضت في الماضي للغزو الصليبي فحررها البطل المسلم صلاح الدين الأيوبي في سنة 583هـ، وطردهم منها.

ومنها غزة التي تعاني في وقتنا هذا مما يقوم به الصهيونيون خلال عدوانهم عليها مما هو معروف لدى الجميع في كل أنحاء الأراضي، وكان العرب قد أطلقوا عليها اسم: غزة هاشم لأن هاشما هذا جد من أجداد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات بها ودفن هناك، وذكر ياقوت أن قبره معروف بها. كما ذكر أن الإمام الشافعي قد ولد بها، وكذلك كانت مسقط رأس عدد كبير من علماء الإسلام البارزين.

***

وأخيرا فإنه من المأمول أننا قد جلونا بعض الجوانب المهمة حول الوضع الذي يحيط بقضية فلسطين، وهي قضية تشغل بال جميع المسلمين يلتقي حولها القاصي والداني منهم، وكلهم مستعد لبذل النفس والنفيس في سبيل تخليصها مما هي فيه من بلاء سببه الصهاينة والدول التي لاتزال تسير على وتيرة الاستعمار، فتقوم بدعم هؤلاء البغاة سياسيا وماديا، بل وعسكريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *