Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

تحليل إخباري | حول الخلاف الإسرائيلي بشأن العملية البرية!

يبدو أن مراوحة المكان بدأت تثير العديد من التساؤلات حول نية إسرائيل وجاهزية جيشها وقدرته على تحقيق الأهداف الطموحة للحرب التي وضعتها القيادة السياسية، وحول واقعية هذه الأهداف وإمكانية تحقيقها أصلا وكيفية النزول عن شجرة هذه الأهداف العالية.

كان واضحا منذ البداية أن التصريحات الإسرائيلية حول “سحق حماس” ومحو حماس” هي رد فعل عفوي مدفوع بالانتقام على الضربة الموجعة التي وجهتها الأخيرة لإسرائيل، وأنها لا تعتمد على تفكير عقلاني وواقعي ولا تستند إلى خطة سياسية لما بعد حماس في قطاع غزة، مثلما لا تستند أيضا إلى خطة عسكرية واقعية قابلة لتنفيذ هذه المهمة.

وفي وسط أجواء الـ”عليهم” التي اجتاحت الساحة الإسرائيلية، كان يمكن العثور على بعض الأصوات التي حذرت من هذا الاندفاع ورأت أن الانتقام ليس إستراتيجية، حتى أن بعضها سخر من تهديدات “السحق” و”المحٌق” و”الإنهاء”، مذكرا بكونها تكرار ممجوج لتصريحات انطلقت على لسان نفس القيادات منذ عام 2008، وبعضها رأى أن مسالة القضاء على حماس غير ممكنة، لأنها فكرة وأيديولوجيا وحركة دينية – اجتماعية متغلغلة في بنية المجتمع الفلسطيني.

واليوم بعد 18 يوما من القصف الجوي المميت والمدمر الذي تحول إلى حرب إبادة وتهجير، نسمع أن إدارة بايدن تتخوف من أن إسرائيل ليس لديها أهدافا عسكرية وهي ليست جاهزة لهجوم بري مدعوم بخطة عملية، وأن وزير الدفاع الأميركي يحث نظيره الإسرائيلي على ضرورة إجراء مراجعة دقيقة لخطة الدخول البري لقطاع غزة.

مسؤولون كبار أشاروا إلى أن الإدارة الأميركية يسودها القلق بأن الجيش الإسرائيلي ليس لديه طريقا لتنفيذ الهدف الذي وضعه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للقضاء على سلطة حماس؛ كبار المسؤولين الموجودين في تواصل هاتفي مع نظرائهم الإسرائيليين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قالوا إنهم لم يروا خطط عمل أهدافها قابلة للتحقيق، في وقت كان بايدن نفسه قد حذر خلال زيارته لتل أبيب، الأسبوع الماضي، من أن إسرائيل يجب أن تضع أهدافا واضحة وتقديرا حقيقيا فيما إذا كان المسلك الذي تسلكه سيفضي إلى تحقيق تلك الأهداف.

ويبدو أن مراوحة المكان بدأت تثير العديد من التساؤلات حول نية إسرائيل وجاهزية جيشها وقدرته على تحقيق الأهداف الطموحة للحرب التي وضعتها القيادة السياسية، وحول واقعية هذه الأهداف وإمكانية تحقيقها أصلا وكيفية النزول عن شجرة هذه الأهداف العالية وعقلنتها قبل أن يتحول الفشل في تحقيق هذه الأهداف إلى هزيمة.

وعلى وقع الخلاف بين نتنياهو وقيادة الجيش وأزمة الثقة العلنية بين الطرفين، التقى نتنياهو خلال الأيام الأخيرة أكثر من شخصية عسكرية من خارج الطاقم الأمني الذي يدير الحرب، بينها قائد الأركان الأسبق، غابي أشكنازي، غريم غالانت والصديق اللدود لغانتس.

كما التقى نتنياهو الجنرال احتياط يتسحاق بريك، الذي كان قد حذر في السابق من عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي لخوض حرب، وهو يحذر اليوم من أن “المناورة” البرية هي فخ يحضر له حماس منذ عقد من الزمن، وأنها إلى جانب إراقة الكثير من دماء الجنود الإسرائيليين فإنها ستؤدي إلى أن يقصف حزب الله، الذي سيدخل الحرب، بخمسة آلاف صاروخ يوميا ويتسبب بدمار وموت موازي للدمار والموت الذي ستتسبب به إسرائيل للبنان، وذلك إلى جانب وقوع هجمات من الضفة الغربية وانتفاضة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.

“يديعوت أحرونوت” عزت تأخر العملية البرية أساسا إلى كون نتنياهو غير معني بها، وأشارت إلى قيام المقربين منه بنشر فيديوهات تشيد بفاعلية القصف الجوي فقط، حيث كتب المعلق العسكري آفي يسسخاروف، أن نتنياهو يقوم بالكثير من اجل تأخير العملية البرية، تحت دواعي منطقية أحيانا، مثل “الرهائن” و”المصداقية الدولية”، ولكن في الحقيقة هو يعرف أن هذه العملية لن تجلب له الكثير من الخير، وذلك في إشارة إلى لجنة التحقيق التي تنتظره مع غيره من المسؤولين لفشلهم في هذه الحرب.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “ذي ماركر” أن مقربين من نتنياهو يقفون وراء “الحملة الإعلامية السرية”، التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي وتهدف إلى فرملة العملية البرية بادعاء أن هناك ضرورة لتدمير كافة أنفاق حماس من الجو أولا.

الحملة تشتمل على مجموعات “واتساب” وصفحة “فيسبوك” وشروحات واسعة عن الحملة التي يبدو أنه استثمرت فيها الكثير من الأموال، وهي تفتقر إلى توقيع الجهة المسؤولة، إلا أنها تؤشر إلى مجموعة “فيسبوك” تم تدشينها يوم الجمعة الماضي، تظهر أن المنظمة هي جمعية أعضائها مجهولي الهوية، وبعد النبش والتحقيق الذي قامت به الصحيفة، اتضح أن من يقف وراء الحملة هو مكتب علاقات عامة مقرب من نتنياهو.

لكن بالرغم من أن نتنياهو، كما هو واضح، يحسب حسابا لليوم الأول بعد الحرب وهو يولي أهمية كبيرة لمستقبله السياسي، عندما يرجئ العملية البرية أو يعطلها ويحاول النزول عن شجرة الأهداف العالية التي وضعها بنفسه على غرار “سحق حماس”، إلا أننا نعرف أن الأخير لم يذهب إلى هذا الخيار في “أيام أفضل” من هذه الأيام، ربما لأنه يدرك أيضا أن هذا الهدف مكلف وغير واقعي أيضًا.

ولإدراك ذلك، يكفي أن نقرأ ما كتبه توماس فريدمان في “نيويورك تايمز”، أن غزو إسرائيل لغزة قد يحول الهزيمة التكتيكية المذلة التي مُنيت بها تل أبيب على يدي حماس، إلى أزمة إستراتيجية أخلاقية وعسكرية طويلة الأمد، مشيرا إلى أنه لم يتم حتى الآن القضاء على أي من الحركات الإسلامية/ الجهادية؛ لأن لها جذورا ثقافية واجتماعية ودينية وسياسية عميقة في مجتمعاتها.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *